في مشهد يحبس الأنفاس، يعيش 7 ملايين إنسان في عدن 90% من حياتهم في ظلام دامس - مدينة كانت تُسمى "لؤلؤة البحر العربي" تحولت إلى أحلك مدن العالم حرفياً. اليوم، مليار دولار إماراتي يُسابق الزمن لإنقاذ مدينة من الظلام الأبدي، في مشروع تاريخي قد ينهي كابوساً استمر 30 عاماً كاملة. هل ستشهد عدن معجزة حقيقية تعيدها لعصرها الذهبي؟
الأرقام صادمة ومؤلمة: محطة الرئيس الوحيدة العاملة تنتج فقط 65 ميجا بينما المدينة تحتاج إلى 700 ميجا - عجز يصل إلى 1000% من الطاقة المطلوبة. فاطمة أحمد، أم لخمسة أطفال، تختصر المأساة في كلمات مؤثرة: "أطبخ على الحطب منذ 8 سنوات، وأطفالي لا يعرفون طعم الماء البارد." أحمد سالم، صاحب مخبز في كريتر، يدفع 500 دولار شهرياً لتشغيل مولد ساعتين فقط يومياً، بينما يعيش 18 ساعة في صمت مطبق لا تكسره سوى أصوات الأطفال المتذمرين من الحر الخانق.
الحقيقة المُرة أن عدن، التي كانت مركز التجارة العالمية في الستينات والسبعينات، تحولت إلى مدينة أشباح بسبب ثلاثة عقود من الحروب والإهمال. المهندس خالد السعدي، خبير الطاقة اليمني الذي وضع الخطة الفنية للمشروع، يؤكد: "ما نشهده اليوم أسوأ من حصار لندن في الحرب العالمية الثانية." الخبراء الدوليون يتوقعون أن ينجح المشروع في تحويل اليمن لمصدر طاقة إقليمي خلال العقد القادم، مما يعني انتقالاً من أحلك نقطة في التاريخ إلى أضوأ مستقبل ممكن.
التأثير على الحياة اليومية سيكون ثورياً بكل معنى الكلمة: المستشفيات ستعمل بكامل طاقتها منقذة آلاف الأرواح، المدارس ستستقبل الطلاب في فصول مكيفة، والمصانع ستعود للحياة خالقة مئات الآلاف من فرص العمل. د. محمد العولقي، أستاذ الطاقة المتجددة، يحذر: "النجاح مرهون بالاستقرار الأمني والتنسيق المثالي بين كافة الأطراف." الفرصة التاريخية أمامنا الآن، والسؤال ليس عن إمكانية النجاح، بل عن سرعة التنفيذ وحجم التحول المنتظر.
مليار دولار إماراتي يحمل أملاً جديداً لإنهاء ثلاثة عقود من المعاناة، ومشروع حضاري قد يعيد لعدن مكانتها كلؤلؤة البحر العربي. بحلول 2026، قد تشهد المدينة تحولاً جذرياً من العتمة إلى النور، ومن اليأس إلى الأمل. السؤال الذي يحير الملايين اليوم: هل ستشهد عدن فجراً جديداً أم ستبقى غارقة في ظلام التاريخ؟