بعد أكثر من 3000 يوم من الظلام الدامس، تقف محافظة تعز على أعتاب لحظة تاريخية قد تنهي معاناة جيل كامل نشأ لا يعرف طعم الكهرباء المستقرة. أيام معدودة تفصل بين اليأس والأمل، حيث أعلن مدير فرع الهيئة العامة لكهرباء الريف عن عودة التيار الكهربائي لمحطة شقاحة مع نهاية الأسبوع القادم، في انفراجة منتظرة لأكثر من 50 ألف شخص عاشوا في ظلام دامس لسنوات.
تفاصيل الإعلان الرسمي كشفت عن اكتمال معالجة جميع الإشكالات الفنية والإدارية، وتوفير المستلزمات الأساسية من أخشاب ومحولات. "سنلزم مزود الخدمة بسرعة التنفيذ دون أي تأخير"، أكد المدير في تصريح حاسم يحمل نبرة الجدية التي افتقدها الأهالي طويلاً. أم أحمد، 45 عاماً، أم لأربعة أطفال تدرس أصغرهم على ضوء الشمع منذ 3 سنوات، تقول بصوت مرتجف: "لا أصدق أن النهار قد يأتي أخيراً لمنازلنا المظلمة".
هذا الإعلان يأتي بعد 8 سنوات من الانقطاع المدمر منذ بداية الحرب عام 2015، في أطول انقطاع كهربائي شهدته المنطقة في تاريخها. الأزمة التي ضربت البنية التحتية بقوة الإعصار، تركت المناطق الريفية تعيش متوسط 18 ساعة انقطاع يومياً، مما دفع أسعار بدائل الطاقة للارتفاع بنسبة 300%. د. عبدالله الطكني، خبير الطاقة، يؤكد أن "عودة المحطة ستوفر 70% من فاتورة الطاقة على الأسر"، لكنه يحذر من تحديات التشغيل المستقر في ظل ضعف الشبكة القديمة.
التأثير المنتظر لعودة الكهرباء يتجاوز مجرد الإضاءة، ليشمل إحياء المشاريع الصغيرة وانتعاش التعليم. سالم العامري، صاحب ورشة حدادة أغلق محله منذ عامين، يقول: "الكهرباء تعني عودة الحياة لأحلامنا المؤجلة". موجة الفرح الحذر التي تجتاح شقاحة تمتزج بقلق مبرر من تكرار الوعود الفارغة، فيما تؤكد السلطة المحلية التزامها بالمتابعة اللصيقة لضمان عدم التأجيل. محمد الكهربائي، 38 عاماً، الفني الذي عمل طوعياً لصيانة المحطة، يشدد على ضرورة المحافظة على البنية التحتية لتجنب العودة للظلام مرة أخرى.
بينما تستعد شقاحة لاستقبال أول شعاع ضوء منذ سنوات، يبقى السؤال الأهم يراود الأذهان: هل ستنجح هذه المرة حيث فشلت المحاولات السابقة؟ الإجابة ستكتبها الأيام القادمة، والأمل يحدو الجميع أن تكون هذه المرة بداية النهاية لليالي الظلام الطويلة. انتصار على الظلام أم وعد جديد ينتظر التحقق؟