في تطور مروع يهز الضمير الإنساني، كشف تقرير سري للبنك الدولي عن حقيقة صادمة: 64% من الأسر اليمنية تنام جائعة كل ليلة - هذا يعني أن من بين كل 10 عائلات، 6 منها لا تجد ما تأكله. والأكثر رعباً أن احتياطيات اليمن النقدية تكفي لشهر ونصف فقط، أقل من المدة التي يقضيها معظمنا في إجازة الصيف. المجاعة الكارثية على بُعد أسابيع قليلة، والعالم لديه شهور معدودة لتجنب كارثة إنسانية تاريخية قد تودي بحياة الملايين.
في قلب هذه المأساة، يحذر البنك الدولي من وصول اليمن للمرحلة الخامسة من انعدام الأمن الغذائي - وهي أعلى درجات المجاعة وأكثرها فتكاً. الأرقام مرعبة بكل المقاييس: 19% تمويل فقط حصلت عليه خطة الاستجابة الإنسانية، و1.16 مليار دولار احتياطيات نقدية، مقابل تراجع المنح الخارجية بنسبة 76%. فاطمة الحديدة، أم لثلاثة أطفال من تعز، لم تتذوق وجبة كاملة منذ أسابيع وتراقب أطفالها وهم ينامون جياعاً. "أرى الموت في عيون صغاري، ولا أملك حتى كسرة خبز لأطعمهم"، تقول بصوت مخنوق بالدموع.
وراء هذه الكارثة قصة مؤلمة من تراكم سنوات الحرب والإهمال الدولي. توقف صادرات النفط وتراجع الدعم الدولي وضعا الاقتصاد تحت ضغط لم يشهده من قبل، لكن الخبير اليمني يوسف شمسان يحذر من مفارقة مدمرة: "النفط قد يصبح وقوداً للصراع بدلاً من الإنقاذ". في ظل غياب المؤسسات المركزية وتعدد الولاءات العسكرية، تحولت الموارد من نعمة إلى لعنة، حيث يعتبر كل فصيل عائدات النفط حقاً خاصاً. هذه أسوأ أزمة إنسانية يشهدها اليمن منذ بداية الحرب، والمقارنات تشير إلى أن الوضع أشد وطأة من مجاعة الصومال في التسعينات.
في الشوارع اليمنية، تتكشف المأساة الحقيقية: توقف رواتب الموظفين منذ يونيو الماضي، وانهيار مصادر الدخل، وارتفاع البطالة لمستويات قياسية. محمد الصنعاني، موظف حكومي لم يتقاضَ راتبه منذ شهور، يبيع ممتلكاته الشخصية لإطعام عائلته. التضخم يرفع تكلفة المعيشة بشكل جنوني، والناتج المحلي ينكمش بنسبة 1.5%، بينما يتراجع نصيب الفرد من الدولارات بنسبة 14.2%. في مناطق الحكومة و الحوثيين على حد سواء، تعاني أكثر من 60% من الأسر من عدم كفاية الغذاء، في مشهد يذكر بأحلك فصول التاريخ الإنساني.
اليمن اليوم على حافة مجاعة كارثية، والدعم الدولي في أدنى مستوياته، والوقت ينفد سريعاً كرمال الساعة الرملية. بدون تدخل عاجل وحاسم، قد نشهد واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث. العالم مطالب بالتحرك الآن - كل يوم تأخير يعني المزيد من المعاناة والموت لأطفال أبرياء. السؤال الذي يحرق الضمائر: هل سيقف العالم مكتوف الأيدي أم سيتحرك قبل فوات الأوان؟ الإجابة ستحدد مصير 30 مليون إنسان ينتظرون المعجزة.