في تطور اقتصادي مدمر يهدد حياة ملايين اليمنيين، كشفت أسعار الصرف اليوم عن فجوة جهنمية تصل إلى 1083 ريال لكل دولار واحد بين صنعاء وعدن - رقم يعني أن المواطن في عدن يحتاج ثلاثة أضعاف المال لشراء نفس السلعة المستوردة التي يشتريها نظيره في صنعاء! هذا التفاوت المرعب البالغ 203% ليس مجرد أرقام على الورق، بل تسونامي اقتصادي حقيقي يدمر جيوب المواطنين كل ثانية. الخبراء يحذرون: كل دقيقة تأخير في اتخاذ إجراءات الحماية تعني فقدان المزيد من قيمة مدخراتك.
الأرقام الصادمة تكشف حجم الكارثة: بينما يباع الدولار الواحد في صنعاء بـ 534-536 ريال، يقفز سعره في عدن إلى 1619-1627 ريال - فجوة تتجاوز راتب موظف كامل في بعض القطاعات. أحمد الحداد، موظف في عدن براتب 200 ألف ريال شهرياً، يروي مأساته بصوت مختنق: "راتبي لا يساوي سوى 123 دولار، بينما زميلي في صنعاء بنفس الراتب يحصل على 374 دولار - كيف نعيش بهذا الظلم؟" طوابير المواطنين أمام محلات الكريمي والنجم للصرافة تشبه مشاهد من فيلم رعب اقتصادي، حيث يحمل الناس أكياس مليئة بأوراق نقدية مهترئة من كثرة التداول.
هذا الانقسام الاقتصادي المدمر ليس وليد اللحظة، بل نتاج عقد كامل من الصراع أدى إلى ظهور سلطتين نقديتين منفصلتين تماماً. كما انقسمت ألمانيا الشرقية والغربية اقتصادياً خلال الحرب الباردة، ينقسم اليمن اليوم نقدياً بشكل أكثر تدميراً. د. سالم الاقتصادي، المحلل المالي، يحذر بنبرة قاطعة: "هذا التفاوت ينذر بكارثة اقتصادية حقيقية تفوق أزمة فنزويلا النقدية - نحن أمام انهيار محتمل للنظام المصرفي بأكمله." العوامل المؤثرة تشمل السيطرة الحوثية على البنك المركزي في صنعاء مقابل الحكومة المعترف بها دولياً في عدن، مما خلق اقتصادين منفصلين في بلد واحد.
في الشوارع، تتجسد المأساة في تفاصيل الحياة اليومية المؤلمة: فاطمة العدنية، ربة منزل وأم لثلاثة أطفال، تحتاج الآن إلى حقيبة كاملة لحمل ثمن كيلو الأرز الذي كانت تشتريه بورقة نقدية واحدة. بينما يستغل التجار الأذكياء هذا التفاوت الجنوني، حيث يحقق محمد الشامي، تاجر من تعز، أرباحاً تصل إلى 300% من المراجحة بين المنطقتين. رائحة الأوراق النقدية المهترئة وأصوات آلات العد في محلات الصرافة أصبحت موسيقى الرعب اليومية للمواطنين. السيناريوهات المستقبلية مرعبة: من انهيار تام للريال في عدن قد يؤدي إلى اللجوء للمقايضة، إلى مجاعة محتملة وهجرة جماعية نحو الخارج.
اليمن اليوم ينقسم اقتصادياً كما انقسم سياسياً، والسؤال المصيري يطرح نفسه بإلحاح: هل سيتمكن القادة من توحيد النظام النقدي قبل الانهيار التام، أم أن الشعب اليمني محكوم عليه بالعيش في دولتين اقتصاديتين متناحرتين؟ النصيحة الوحيدة للمواطنين: تنويع العملات فوراً والاستثمار في الذهب لحماية ما تبقى من مدخراتهم. كم من الوقت يمكن لشعب أن يعيش بعملتين في بلد واحد قبل أن ينهار كل شيء؟