في تطور يصدم الأوساط الاقتصادية، يؤكد خبير بارز أن الريال اليمني سيظل صامداً عند 1630 ريال للدولار رغم القنبلة التي فجرها صندوق النقد الدولي بتعليق المادة الرابعة من ميثاقه. بينما تنهار عملات دول مستقرة تحت ضغط أخف من هذا، تتحدى العملة اليمنية كل التوقعات في معجزة اقتصادية حقيقية تستحق الدراسة.
الدكتور يوسف سعيد أحمد، الخبير الاقتصادي الذي تابع الأزمة عن كثب، يكشف السر وراء هذا الصمود المذهل: "البنك المركزي اليمني نجح في تثبيت سعر صرف اسمي للدولار ضمن نطاق 1617-1630 ريالاً منذ النصف الثاني من يوليو دون أي تغيير". الأكثر إثارة أن اللجنة الوطنية لتنظيم الاستيراد تمكنت من اعتماد مليار دولار كامل لتمويل الاستيراد من موارد السوق دون المساس بقطرة واحدة من احتياطيات البنك المركزي.
ما لا يعرفه كثيرون أن صندوق النقد كان قد علق العمل بهذه المادة لأكثر من عشر سنوات سابقاً، وخلال تلك الفترة الطويلة حافظت العملة على استقرارها. أحمد أحمد غالب، محافظ البنك المركزي، تمكن من إدارة هذه المعادلة الصعبة بمهارة جراح يجري عملية قلب مفتوح وسط عاصفة. الخبراء الدوليون يصفون ما حدث بـ"الاستثناء الذي يؤكد القاعدة" في عالم ينهار فيه استقرار العملات بأبسط الصدمات.
لكن الصورة ليست وردية تماماً بالنسبة للمواطن اليمني العادي. أم محمد، ربة بيت من صنعاء، تشكو: "الريال مستقر، لكن أسعار الأرز والسكر ارتفعت 30% في أسبوعين". هذا ما يؤكده الدكتور أحمد، محذراً من أن بعض التجار يستغلون القلق النفسي للمواطنين لرفع أسعار السلع دون مبرر اقتصادي حقيقي. محمد العامري، تاجر الجملة، يعترف: "أسعار الاستيراد لم تتغير، لكن الطلب زاد والبعض يستغل الوضع".
الآن تقف الحكومة اليمنية أمام امتحان حقيقي: هل ستنجح في حماية المستهلك من جشع التجار كما نجح البنك المركزي في حماية العملة من عواصف السياسة الدولية؟ الدكتور أحمد يشدد على ضرورة تشديد الرقابة على الأسواق فوراً لمنع تآكل مكاسب الاستقرار النقدي. الأسابيع القادمة ستكشف ما إذا كانت هذه المعجزة الاقتصادية ستترجم إلى راحة حقيقية للمواطن اليمني، أم ستبقى مجرد أرقام على الورق.