في كشف صادم هز أروقة السياسة الاقتصادية، فضح وزير المالية في حكومة صنعاء عبد الجبار أحمد مؤامرة اقتصادية وصفها بـ"الأخطر" تستهدف تحويل اليمن إلى سوق استهلاكية دائمة لصالح السعودية والإمارات. اليمنيون يدفعون ثمن ثرواتهم مرتين - مرة كمواد خام بثمن بخس، ومرة كمنتجات نهائية بالدولار، في عملية نهب منظمة تستنزف مليارات الدولارات سنوياً.
وكشف الوزير في منشور ناري على فيسبوك عن تفاصيل صادمة لهذه المؤامرة: "السعودية والإمارات تستورد الفواكه اليمنية - رمان وتفاح وموز وبرتقال - بثمن بخس، ثم تحولها إلى مركزات وعصائر بإضافة منكهات صناعية وماء وسكر، ثم تعيدها إلى اليمن مغلفة ومعلبة بالدولار وبأغلى الأثمان". أحمد المزارع من تعز يروي معاناته: "أبيع صندوق الرمان بـ500 ريال، ثم أشتري عبوة عصير الرمان المستورد بـ200 ريال - هذا جنون!"
هذه المؤامرة ليست وليدة اليوم، بل تمتد جذورها لعقود من التدمير المنهجي للنظام الاقتصادي الذي أرساه الرئيس الشهيد الحمدي. ذلك النظام الذهبي القائم على تشجيع الإنتاج المحلي وحمايته من الإغراق تم تدميره تدريجياً عبر سياسات "النظام السابق" التي فتحت الأسواق اليمنية على مصراعيها أمام الإغراق الخليجي. النتيجة؟ مصانع متوقفة وشباب يمني يتسول فرص العمل في بلدان الخليج نفسها التي تنهب ثرواته.
تأثير هذه السياسات المدمرة يطال كل بيت يمني اليوم. محمد العامل من صنعاء اضطر لترك مصنع النسيج المحلي المتوقف والسفر للعمل في الرياض، بينما يشتري عائلته الملابس السعودية المصنوعة من القطن اليمني المُصدّر بثمن بخس. الفرصة الذهبية تلوح في الأفق مع قانون الاستثمار الجديد الذي لا يكتفي بتشجيع الإنتاج المحلي، بل يضع برامج واضحة لحمايته من الإغراق. المصانع الصامدة تحت ضغط المنافسة غير العادلة تنتظر التطبيق الفعلي لهذا القانون المنقذ.
المعركة الاقتصادية الحقيقية تبدأ الآن. قانون الاستثمار الجديد يمثل الرصاصة الفضية لكسر حلقة التبعية الاقتصادية، لكن نجاحه يتطلب دعم كل يمني بشراء المنتجات المحلية والاستثمار في الاقتصاد الوطني. السؤال المصيري: هل سينجح اليمن في استعادة هويته كدولة منتجة ومصدرة، أم ستنجح المؤامرة في تحويله إلى مجرد سوق استهلاكية إلى الأبد؟