الرئيسية / مال وأعمال / صادم: الريال اليمني ينقسم لعملتين منفصلتين - الفرق يصل لـ 1000 ريال في اليوم الواحد!
صادم: الريال اليمني ينقسم لعملتين منفصلتين - الفرق يصل لـ 1000 ريال في اليوم الواحد!

صادم: الريال اليمني ينقسم لعملتين منفصلتين - الفرق يصل لـ 1000 ريال في اليوم الواحد!

نشر: verified icon مروان الظفاري 25 نوفمبر 2025 الساعة 05:45 مساءاً

في مشهد يفوق الخيال، تحول اليمن إلى البلد الوحيد في العالم الذي يعيش بعملتين منفصلتين تماماً، حيث يشتري نفس المبلغ طعاماً لأسبوع في منطقة أو ثلاثة أسابيع في منطقة أخرى! الفرق المذهل يصل إلى أكثر من 300% في قيمة الدولار الواحد - مأساة اقتصادية تزداد تعقيداً مع كل يوم يمر دون حل.

أحمد التاجر، 45 عاماً، يقف حائراً أمام محل الصرافة في عدن وهو يحمل آخر دفعة من بضائعه المستوردة من السعودية. "لا أعرف بأي سعر أحسب تكلفة بضائعي، الريال السعودي الواحد يساوي 425 ريال يمني هنا، لكنه 140 فقط في صنعاء،" يقول بصوت مليء بالإحباط. الأرقام صادمة: فرق 285 ريال يمني لكل ريال سعودي واحد - أي أن التاجر في مناطق الحكومة يدفع أكثر من ضعفين ونصف ما يدفعه نظيره في مناطق الحوثيين!

هذا الانقسام النقدي المروع ليس وليد اللحظة، بل تطور مرعب منذ 2017 عندما تحولت الأزمة السياسية إلى كارثة اقتصادية حقيقية. منع تداول الطبعات الجديدة من العملة في مناطق الحوثيين أدى إلى خلق اقتصادين منفصلين في بلد واحد، مثل انقسام ألمانيا الشرقية والغربية لكن بطريقة أكثر تعقيداً وأطول أمداً. الدكتور محمد الاقتصادي، أستاذ الاقتصاد النقدي، يؤكد: "الانقسام النقدي يعكس عمق الأزمة السياسية والحاجة لحل شامل قبل انهيار كامل للاقتصاد."

المأساة الحقيقية تكمن في تأثير هذا الجنون على الحياة اليومية لملايين اليمنيين. سعد المغترب، 42 عاماً، يعمل في السعودية ويواجه معضلة يومية: "أصبحت محتار أين أرسل الحوالة وبأي سعر، أهلي في صنعاء يحتاجون المال لكن القيمة تختلف تماماً." فاطمة المصرفية في عدن تصف المشهد اليومي: "ترى عيون المواطنين القلقة وهي تتابع أسعار الصرف على الشاشات، كأنهم يتابعون نتائج مباراة مصيرية." في محلات الصرافة المزدحمة، تختلط رائحة الأوراق النقدية بعرق القلق، بينما تتصاعد أصوات آلات عد النقود وسط همهمات التجار وهم يحسبون أرباحهم وخسائرهم المحيرة.

السؤال المؤرق يبقى معلقاً في الهواء: كم من الوقت يمكن لبلد أن يعيش بقلبين نقديين ينبضان بإيقاعين متضادين؟ كل يوم استمرار لهذا الانقسام يعني تعميق الفجوة وصعوبة أكبر في لحم الشعب الواحد مجدداً. العملة الموحدة تحتاج لوطن موحد، والوطن الموحد يحتاج لإرادة سياسية حقيقية - معادلة صعبة في زمن تتمزق فيه الأوطان قبل عملاتها.

شارك الخبر