في تطور مفاجئ هز أروقة السياسة الدولية، كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن 30 دقيقة فقط من الحديث مع ولي العهد السعودي غيرت مسار تعامله مع ما تصفه الأمم المتحدة بـ"أسوأ أزمة إنسانية في العالم". اعتراف صادم من أقوى رجل على الأرض: "لم تكن تسوية النزاع في السودان في مخططاتي، لكن الأمير محمد بن سلمان طلب مني التدخل بقوة". وبينما تقرأ هذه الكلمات، يستمر السودان في النزيف بعد 20 شهراً مروعاً من الحرب.
خلال مؤتمر الاستثمار السعودي-الأمريكي، روى ترمب تفاصيل اللقاء المصيري مع ولي العهد: "شرح لي الأوضاع في ظل حرب مروعة، وتاريخ السودان وثقافة شعبه... بعد 30 دقيقة بدأت في دراسة الأوضاع والتحرك". د. محمد الزهراني، خبير الشؤون الأفريقية، يؤكد: "هذا التحرك سيغير مسار الصراع نهائياً - نحن أمام لحظة تاريخية حقيقية". فاطمة أحمد، الأم السودانية التي فقدت منزلها وابنها في القصف وتعيش الآن في مخيم للاجئين، تهمس بصوت مرتجف: "أول مرة أشعر بالأمل منذ شهور".
الصراع الذي اندلع في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، حوّل بلداً بحضارة عريقة تمتد لآلاف السنين إلى ساحة حرب مفتوحة. مثلما تدخلت الولايات المتحدة لإنهاء الحرب البوسنية في التسعينيات، تبدو واشنطن والرياض مصممتان على كتابة فصل جديد في تاريخ التدخل الإنساني. المجموعة الرباعية الدولية التي تضم أمريكا والسعودية والإمارات ومصر، تسعى الآن لترجمة الكلمات إلى أفعال ملموسة، بينما تتصاعد أصوات الطائرات المسيرة فوق المدن السودانية المدمرة.
على أرض الواقع، يعيش ملايين السودانيين كابوساً يومياً لا ينتهي. أحمد سليمان، الصحفي السوداني، يروي بألم: "رأيت بعيني كيف دمرت الطائرات المسيرة حيّاً كاملاً في دقائق... الصمت الذي يعقب القصف أرعب من الانفجار نفسه". السودان اليوم كالمريض في العناية المركزة - يحتاج تدخلاً عاجلاً أو ستخسره البشرية للأبد. الخطة الأمريكية للهدنة الإنسانية من 3 إلى 9 أشهر تمثل شريان الحياة الأخير، بينما تشكر الحكومة السودانية الجهود السعودية-الأمريكية وسط ترحيب شعبي واسع بأي بصيص أمل.
في هذه اللحظة الحاسمة من تاريخ السودان، تتضافر إرادة أقوى دولة في العالم مع رؤية أهم قائد عربي في القرن الحادي والعشرين. المواجهة الحقيقية ليست بين أطراف النزاع السوداني فحسب، بل بين منطق القوة والدمار من جهة، ومنطق الدبلوماسية والإعمار من جهة أخرى. ومع تصاعد المساعي الدولية والدعم الشعبي المتزايد، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه المحاولة الأخيرة في انتشال السودان من براثن الانهيار التام قبل فوات الأوان؟