الرئيسية / مال وأعمال / خريطة الصرف المجنونة: لماذا تدفع في عدن 3 أضعاف ما تدفعه في صنعاء؟ - الأرقام هنا
خريطة الصرف المجنونة: لماذا تدفع في عدن 3 أضعاف ما تدفعه في صنعاء؟ - الأرقام هنا

خريطة الصرف المجنونة: لماذا تدفع في عدن 3 أضعاف ما تدفعه في صنعاء؟ - الأرقام هنا

نشر: verified icon مروان الظفاري 15 نوفمبر 2025 الساعة 05:20 صباحاً

في مشهد لا يكاد يُصدق، يعيش اليمن اليوم واقعاً اقتصادياً مجنوناً حيث يدفع المواطن في عدن 1089 ريال إضافية لشراء نفس الدولار الذي يحصل عليه أخوه في صنعاء! الأرقام تكشف عن انقسام اقتصادي كارثي يقسم بلداً واحداً إلى عالمين نقديين منفصلين تماماً، حيث تبلغ الفجوة 200% - وهي نسبة تفوق الفوارق بين دول مختلفة تماماً.

"نحن نعيش في بلدين اقتصادياً مختلفين"، هكذا يعبر الدكتور عبدالله الحمادي، المحلل الاقتصادي، عن حالة الذهول التي تسيطر على الخبراء أمام هذا التفاوت الجنوني. فاطمة أحمد، ربة بيت من عدن، تحتاج 1631 ريال لشراء ما تشتريه أختها في صنعاء بـ 542 ريال فقط. الأصوات المحتجة تملأ أسواق الصرافة في عدن، بينما تتراص الطوابير الطويلة أمام المحلات حيث يحمل الناس أوراقاً نقدية متآكلة من كثرة التداول، وملامح الإحباط ترتسم على الوجوه المتعبة.

هذا الانهيار النقدي ليس وليد اللحظة، بل تراكمات مدمرة منذ انقسام السلطة النقدية وتعدد البنوك المركزية منذ 2014. الحرب الاقتصادية أسفرت عن تحويل الصرف من أداة تبادل إلى سلاح دمار شامل يضرب معيشة الملايين. المقارنة تذكرنا بألمانيا المقسمة، لكن الفارق هنا أن الانقسام نقدي وليس جغرافي فقط. المحللون يحذرون من تكرار سيناريوهات مشابهة شهدتها لبنان والأرجنتين، حيث انهارت أنظمة الصرف وسحقت اقتصادات بأكملها.

التأثير المدمر لا يتوقف عند الأرقام المجردة، بل يخترق تفاصيل الحياة اليومية بقسوة بالغة. أحمد المغترب في السعودية يكتشف أن الـ 100 دولار التي يرسلها لعائلته تساوي مبالغ مختلفة حسب المدينة. العائلات اليمنية المنتشرة بين الشمال والجنوب تواجه معضلة حقيقية: كيف تدير أموالها عندما تكون العملة الواحدة لها قيمتان؟ التجار يفلسون، المدخرات تتبخر، والفقر يتفاقم بوتيرة متسارعة. حتى السفر البسيط بين المدن أصبح مغامرة اقتصادية محفوفة بالمخاطر.

السؤال المؤرق الذي يطرح نفسه: هل سيبقى اليمن بلداً واحداً اقتصادياً؟ الوقت ينفد سريعاً، والفجوة تتسع يومياً. الحل يتطلب تدخلاً سريعاً وحاسماً قبل أن ينهار النظام النقدي بالكامل، ويتحول هذا التفاوت المجنون من أزمة مؤقتة إلى واقع دائم يكرس تمزق الوطن الواحد إلى كيانات اقتصادية متناحرة.

شارك الخبر