الرئيسية / مال وأعمال / صادم: الدولار بـ1633 في عدن و540 في صنعاء... لماذا يدفع اليمنيون أسعاراً مختلفة للعملة نفسها؟!
صادم: الدولار بـ1633 في عدن و540 في صنعاء... لماذا يدفع اليمنيون أسعاراً مختلفة للعملة نفسها؟!

صادم: الدولار بـ1633 في عدن و540 في صنعاء... لماذا يدفع اليمنيون أسعاراً مختلفة للعملة نفسها؟!

نشر: verified icon مروان الظفاري 12 نوفمبر 2025 الساعة 11:20 صباحاً

في مشهد اقتصادي صادم يكشف عمق المأساة اليمنية، يواجه المواطنون فجوة سعرية جنونية تبلغ 1093 ريالاً لسعر الدولار الواحد بين صنعاء وعدن - المدينتين اللتين تفصلهما 750 كيلومتراً فقط! بينما يشتري المواطن في صنعاء الدولار بـ 535 ريالاً، يحتاج نظيره في عدن إلى 1630 ريالاً للعملة ذاتها، في فارق يصل إلى 202% يحول اليمن الواحد إلى اقتصادين منفصلين تماماً.

أحمد الصنعاني، الموظف الحكومي الذي يتقاضى راتباً شهرياً بقيمة 200 دولار، يجد نفسه في مفارقة مؤلمة: راتبه يساوي 108 ألف ريال في صنعاء، بينما لو انتقل إلى عدن لأصبح يساوي 326 ألف ريال - أي ثلاثة أضعاف قوته الشرائية! "كنت أحلم بزيارة عدن، لكن اليوم أحلم بالانتقال إليها فقط لأضاعف دخلي"، يقول أحمد بمرارة، بينما تحكي فاطمة العدنية، أم لخمسة أطفال، معاناة مختلفة: "كنت أشتري الدولار قبل الحرب بـ 240 ريالاً، اليوم أدفع 1630 ريالاً - أكثر من راتب زوجي الشهري كاملاً!"

تعود جذور هذه الكارثة الاقتصادية إلى عام 2016 عندما انقسم البنك المركزي اليمني بين سلطتين متنازعتين، ليتحول الاقتصاد الواحد إلى اقتصادين منفصلين بسياسات نقدية متضاربة تماماً. الوضع يشبه إلى حد كبير أزمة ألمانيا الشرقية والغربية أيام الحرب الباردة، لكن بمضاعفات أخطر. د. سالم الاقتصادي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن، يحذر قائلاً: "هذا الفارق يدمر وحدة الاقتصاد اليمني ويحول البلد إلى دولتين اقتصادياً، وهو ما يهدد بانهيار شامل إذا لم نتحرك فوراً."

الأرقام المرعبة لا تقف عند الدولار فقط، فالريال السعودي يباع في عدن بـ 428 ريالاً يمنياً بينما لا يتجاوز 140 ريالاً في صنعاء - فارق يبلغ 288 ريالاً. هذا التشوه الاقتصادي الخطير يدفع أسراً كاملة للهجرة الداخلية بحثاً عن القوة الشرائية المفقودة، بينما تنتشر شبكات المضاربة والتهريب في محاولة للاستفادة من هذا الخلل الكارثي. التجارة بين الشمال والجنوب تحولت إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر، والحوالات المالية أصبحت أشبه بالمقامرة - كلها مؤشرات على تفكك النسيج الاقتصادي للبلاد.

مع استمرار هذا الوضع المدمر، يواجه اليمن سيناريوهين مرعبين: إما تدخل عاجل لتوحيد النظام النقدي، أو انهيار شامل يحول الريال اليمني إلى مجرد ورق بلا قيمة. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كم من الوقت يمكن لشعب أن يصمد في وجه حرب اقتصادية لا تقل شراسة عن الحرب العسكرية التي تمزق بلادهم منذ عقد كامل؟

اخر تحديث: 12 نوفمبر 2025 الساعة 01:20 مساءاً
شارك الخبر