الرئيسية / مال وأعمال / صادم: الدولار بـ1618 ريال في عدن و535 في صنعاء… كيف يحدث هذا الجنون الاقتصادي؟
صادم: الدولار بـ1618 ريال في عدن و535 في صنعاء… كيف يحدث هذا الجنون الاقتصادي؟

صادم: الدولار بـ1618 ريال في عدن و535 في صنعاء… كيف يحدث هذا الجنون الاقتصادي؟

نشر: verified icon مروان الظفاري 04 نوفمبر 2025 الساعة 12:00 صباحاً

في مشهد يحبس الأنفاس ويهز أركان الاقتصاد، تكشف أرقام صباح اليوم عن فجوة مالية صاعقة تبلغ 1083 ريال يمني - هذا هو الفرق الذي يفصل بين سعر الدولار الواحد في عدن وصنعاء. في بلد واحد، عملة واحدة، سعران مختلفان بفارق 300%، مرحباً بكم في واقع اليمن المرير لعام 2025. كل دقيقة تمر، يفقد ملايين اليمنيين المزيد من قوتهم الشرائية في لعبة الأرقام القاتلة التي تحولت إلى صراع بقاء حقيقي.

أسعار الصرف تكشف حقيقة مؤلمة تتجاوز كونها مجرد أرقام اقتصادية - اليمن الواحد أصبح اقتصادين منفصلين بقوة شرائية مختلفة جذرياً. الدولار الأمريكي الذي يُباع بـ 1625 ريال يمني في المتوسط بعدن، ينخفض سعره ليصل إلى 537.5 ريال فقط في صنعاء، بفارق مذهل يصل إلى 201%. "أحمد المحمدي، موظف حكومي في عدن، راتبه 200,000 ريال يساوي 123 دولار فقط، بينما نفس المبلغ في صنعاء يساوي 372 دولار"، يروي أحمد قصته بصوت مرتجف: "أشعر وكأنني أعيش في بلد مختلف عن أخي الذي يعمل في صنعاء." العائلات تصارع لتوفير الطعام، والمدخرات تتبخر، والأحلام تتحطم على صخرة الأرقام الباردة.

الحرب التي اشتعلت في 2014 لم تدمر المدن والبنية التحتية فحسب، بل مزقت النسيج الاقتصادي للبلاد إلى شطرين منفصلين. الانقسام السياسي خلق انقساماً نقدياً غير مسبوق، حيث تسيطر الحكومة المعترف بها دولياً على عدن بينما تهيمن جماعة الحوثيين على صنعاء. مثل ألمانيا الشرقية والغربية إبان الحرب الباردة، حيث كانت هناك عملتان مختلفتان لبلد واحد، يشهد اليمن اليوم نفس المأساة الاقتصادية. د. عبدالله العولقي، خبير اقتصادي، يحذر قائلاً: "هذه الفجوة تعكس عمق الأزمة الاقتصادية وتؤثر على 30 مليون يمني، والمؤشرات تشير لمزيد من التدهور إذا لم نتحرك بسرعة."

التأثير المدمر لهذه الفجوة يتجاوز الأرقام ليصل إلى صميم الحياة اليومية لملايين اليمنيين. "فاطمة علي، أم لأربعة أطفال، تروي معاناتها: 'التحويلة من ابني في السعودية لا تكفي لأسبوع واحد بأسعار عدن، بينما لو كنت في صنعاء لعشت عليها شهراً كاملاً'." الطوابير تزداد طولاً أمام محلات الصرافة، والوجوه القلقة تتابع شاشات الأسعار المتغيرة، بينما تنتشر رائحة الأوراق النقدية القديمة وأصوات طقطقة آلات الحاسبة. النتائج المتوقعة تبدو كارثية: تفاقم الفقر، زيادة الهجرة، انهيار الطبقة المتوسطة، وتراجع حاد في قطاعي التعليم والصحة. لكن وسط هذا الظلام، يستفيد البعض مثل "سالم الحارثي، التاجر الذكي الذي يحقق أرباحاً تصل لـ 200% شهرياً من خلال التجارة بفروقات الأسعار بين المدينتين."

فجوة الـ 1083 ريال ليست مجرد رقم في جداول الاقتصاديين - إنها الخط الفاصل بين الأمل واليأس لملايين اليمنيين الذين يصارعون البقاء يومياً. الوقت ينفد أمام صناع القرار المحليين والدوليين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد اليمني المنهار، قبل أن تتحول الأزمة الاقتصادية إلى كارثة إنسانية لا يمكن السيطرة عليها. السؤال المؤرق الذي يطرح نفسه: متى سيصحو اليمنيون على عملة واحدة موحدة مرة أخرى؟ أم أن قطار الوحدة الاقتصادية قد فات بالفعل، وأصبح اليمن بلدين في ثوب واحد؟

اخر تحديث: 04 نوفمبر 2025 الساعة 06:35 صباحاً
شارك الخبر