أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 7 فلسطينيين في اليوم الخامس لسريان حلف شمال الأطلسي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، فيما تسلم الصليب الأحمر رفات 4 رهائن إسرائيليين فقط من حماس، مما أثار تساؤلات حول مصير الاتفاق الهش الذي يهدف لإنهاء عامين من الحرب المدمرة.
وقتل خمسة فلسطينيين صباح اليوم الثلاثاء جراء قصف طائرات مسيرة إسرائيلية استهدفت مواطنين كانوا يتفقدون منازلهم في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، بحسب مصادر طبية في مستشفى المعمداني. كما لقي فلسطيني سادس مصرعه في بلدة الفخاري شرقي خان يونس، بينما توفي سابع متأثراً بجروح سابقة في ذات المنطقة.

برر الجيش الإسرائيلي هذه العمليات بادعاء أن "مشتبهاً بهم" اجتازوا الخط الأصفر الذي انسحب إليه وفق المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واقتربوا من القوات الإسرائيلية في شمال القطاع. وأشار الجيش إلى أن هذا الاقتراب يشكل "خرقاً" لاتفاق وقف إطلاق النار، مؤكداً أن قواته اضطرت لإطلاق النار لـ"إزالة التهديد" بعدما رفض هؤلاء الأشخاص الاستجابة لمحاولات إبعادهم.
رد حازم قاسم الناطق باسم حماس بالقول إن قتل الجيش الإسرائيلي لسكان قطاع غزة عبر القصف وإطلاق النار يشكل "انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار". وطالب الأطراف المختلفة بـ"متابعة سلوك الاحتلال، وعدم السماح له بالتهرب من التزاماته أمام الوسطاء". هذا التبادل في الاتهامات يعكس الهشاشة الكبيرة التي تحيط بالاتفاق والتفسيرات المتباينة لبنوده بين الطرفين.
في تطور مثير للجدل، أكد الجيش الإسرائيلي تسلم الصليب الأحمر رفات أربعة رهائن إسرائيليين فقط، في حين كان متوقعاً تسليم رفات أربعة إلى ستة رهائن وفقاً للاتفاق. قال مصدر أمني للقناة 12 الإسرائيلية إن تسليم جثامين 4 رهائن فقط يُعد "خرقاً فاضحاً" للاتفاق، موضحاً أنه "في إسرائيل لا يلمسون أي دافع لدى حماس لتسليم رفات مزيد من الرهائن اليوم".
أفادت هيئة البث الإسرائيلية أن المؤسسة الأمنية أوصت المستوى السياسي بعدم فتح معبر رفح وعدم إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بشكل كامل، إلى حين "تسليم جثامين الرهائن الإسرائيليين القتلى" الذين كانوا محتجزين لدى حماس. هذا القرار يضع الملايين من سكان غزة في موقف صعب، حيث يحتاجون بشدة للمساعدات الإنسانية بعد عامين من الدمار.

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من لهجته، قائلاً إنه "سيدرس السماح للقوات الإسرائيلية باستئناف القتال في قطاع غزة إذا لم تلتزم حماس باتفاق وقف إطلاق النار". وأضاف ترامب أن الولايات المتحدة "ستنزع سلاح حماس إذا رفضوا القيام بذلك بأنفسهم"، مشيراً إلى إمكانية القيام بذلك "بالعنف" إذا لزم الأمر. هذا التهديد الصريح يضع ضغطاً إضافياً على الاتفاق الهش.
هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بقطع إمدادات المساعدات عن غزة إذا "فشلت" حماس في إعادة رفات الجنود الذين ما زالوا محتجزين في القطاع. من جهتها، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن انتشال جثث جميع الرهائن الإسرائيليين القتلى يمثل "تحدياً هائلاً" تحت أنقاض غزة، مؤكدة أن هناك احتمالاً بأن لا يتم العثور على بعضهم أبداً.
دعت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى فتح كافة المعابر المؤدية إلى غزة لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية الحيوية. أكد المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس ليركه ضرورة فتح "كل المعابر"، مشيراً إلى أن بعضها "مدمر جزئياً" وتوجد حاجة لإزالة الأنقاض من شوارع غزة لإفساح المجال لدخول الشاحنات.
تتواصل في مدينة شرم الشيخ المصرية مفاوضات على المستوى الفني بين وفود مصرية وأمريكية وقطرية وتركية لبحث تنفيذ المراحل التالية من اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، بحضور وفد من حماس ووفد إسرائيلي. استضافت شرم الشيخ يوم الإثنين قمة دولية وقعت خلالها مصر وقطر وتركيا ووزارة الدفاع الأميركية إعلاناً كأطراف ضامنة للاتفاق.

في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، استقبلت مصر 145 من السجناء الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل شريطة إبعادهم عن الأراضي الفلسطينية، بينما أطلقت حماس سراح العشرين رهينة إسرائيلية الأحياء المتبقين لديها. قالت كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن بعثة المراقبة المدنية على معبر رفح ستعود للعمل اعتباراً من اليوم الأربعاء، مشيرة إلى أن البعثة يمكن أن تلعب "دوراً مهماً" في دعم استقرار وقف إطلاق النار.
قال مصدر مصري مسؤول عن ملف المساعدات الإنسانية إن مدى التزام إسرائيل بتنفيذ بند إعادة تأهيل الجانب الفلسطيني من معبر رفح لم يتضح بعد، مؤكداً جاهزية الهلال الأحمر المصري لإدخال مئات الشاحنات يومياً إلى القطاع فور فتح المعبر وموافقة الجانب الإسرائيلي. طبقاً لبنود الاتفاق، يتعين على إسرائيل إعادة تأهيل المعبر الذي دُمر منذ سيطرة القوات الإسرائيلية عليه في مايو 2024، حتى يتمكن من استقبال المساعدات وعبور الأفراد.
تكشف هذه التطورات عن مدى تعقيد تنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار في منطقة تشهد توترات عميقة الجذور. الخلافات حول تفسير بنود الاتفاق وآليات التنفيذ تضع مستقبل الهدنة على المحك، بينما يعيش ملايين المدنيين في غزة حالة من عدم اليقين حول وصول المساعدات الإنسانية الحيوية التي يحتاجونها بشدة بعد عامين من الدمار والحصار.