شهد ميناء عدن مساء اليوم حركة تجارية استثنائية بوصول 21 سفينة تجارية إلى مياه الخليج، في مشهد لم تشهده المدينة منذ سنوات طويلة، مما يثير تساؤلات حول بداية انتعاش حقيقي للاقتصاد اليمني المنهك.
تصاعدت وتيرة النشاط التجاري في أحد أهم الموانئ اليمنية بشكل ملفت، حيث ازدحمت المياه بقوافل السفن التي تنتظر دورها للرسو والتفريغ. هذا المشهد الذي طال انتظاره يعكس تحسناً جوهرياً في الظروف الأمنية واللوجستية التي عطلت حركة التجارة لسنوات.
يشير مسؤولون في إدارة الميناء إلى أن هذا الرقم يمثل أكبر حركة تجارية منذ عودة النشاط للميناء، مؤكدين أن الأرصفة تعمل بأقصى طاقاتها لمواكبة هذا التدفق غير المسبوق. العمال في الميناء يعبرون عن فرحتهم بعودة الحيوية لمكان عملهم، حيث وصف أحد العمال مشاعره قائلاً إن قلبه "يرقص فرحاً" لهذا المنظر.
تأتي هذه النهضة التجارية في توقيت حساس يشهد فيه الاقتصاد اليمني بوادر تحسن على عدة مستويات. فقد شهدت العملة المحلية انتعاشاً ملحوظاً مؤخراً، حيث تراجع سعر صرف الدولار الأمريكي من مستويات قياسية وصلت إلى 2800 ريال يمني في يوليو الماضي، إلى حوالي 1636 ريالاً حالياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
يتوقع خبراء اقتصاديون أن يؤدي تزايد النشاط في ميناء عدن إلى انخفاض أسعار السلع المستوردة تدريجياً، مما سيخفف العبء على المواطنين الذين عانوا طويلاً من ارتفاع تكلفة المعيشة. كما أن هذا النشاط يبشر بخلق فرص عمل جديدة في قطاعات النقل والخدمات اللوجستية والتجارة.
هذا التطور الإيجابي يترافق مع جهود حكومية لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية، حيث حظيت هذه الجهود بدعم دولي من سفراء المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، الذين أكدوا التزامهم بدعم الحكومة اليمنية في تنفيذ خطط التعافي الاقتصادي.
لكن رغم هذه المؤشرات المشجعة، يحذر مراقبون من ضرورة تسريع وتيرة تطوير البنية التحتية للميناء لتجنب حدوث اختناقات قد تعرقل استمرار هذا النمو. فالحاجة ماسة لتحديث المعدات وزيادة الطاقة الاستيعابية لمواكبة الطلب المتزايد على الخدمات.
في السياق ذاته، شهدت موانئ يمنية أخرى إعادة فتح بعد إغلاق طويل، حيث استقبل أحدها مؤخراً أول سفينة تجارية كبيرة بعد انقطاع دام 14 عاماً، مما يعزز من الآمال في شمولية الانتعاش الاقتصادي.
تشكل هذه التطورات مجتمعة إشارة قوية على أن اليمن قد يكون على أعتاب مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي، بعد سنوات من الركود والتدهور. ومع ذلك، تبقى الحاجة قائمة للمزيد من الاستثمار في تطوير القطاعات الإنتاجية والخدمية لضمان استدامة هذا النمو وتحقيق الاستفادة القصوى منه لصالح الشعب اليمني الذي طال انتظاره للخروج من دوامة الأزمات الاقتصادية.