الرئيسية / شؤون محلية / انتعاش مفاجئ للريال اليمني: كيف تراجع من 2800 إلى 1636 ريال للدولار بعد 11 عاماً من القطيعة مع صندوق النقد؟
انتعاش مفاجئ للريال اليمني: كيف تراجع من 2800 إلى 1636 ريال للدولار بعد 11 عاماً من القطيعة مع صندوق النقد؟

انتعاش مفاجئ للريال اليمني: كيف تراجع من 2800 إلى 1636 ريال للدولار بعد 11 عاماً من القطيعة مع صندوق النقد؟

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 17 أكتوبر 2025 الساعة 04:00 مساءاً

شهد الريال اليمني انتعاشاً مفاجئاً خلال الأشهر الأخيرة من عام 2025، مسجلاً تحسناً دراماتيكياً في قيمته أمام الدولار الأمريكي ليستقر عند 1636 ريالاً للدولار في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، بعد رحلة طويلة من الانهيار وصلت ذروتها إلى 2800 ريال في يوليو الماضي. هذا التطور الإيجابي يأتي بالتزامن مع استئناف المشاورات بين الحكومة اليمنية وصندوق النقد الدولي بعد انقطاع دام 11 عاماً، مما يفتح آفاقاً جديدة للاستقرار الاقتصادي في البلاد.

يمثل التحسن الحالي في قيمة الريال اليمني قفزة ملحوظة مقارنة بالمستويات الكارثية التي بلغتها العملة خلال منتصف العام الجاري، حين تجاوز سعر الصرف حاجز 2800 ريال للدولار الواحد. وبحسب مروان الظفاري، المحلل الاقتصادي، فإن الأسعار الحالية تظهر تحسناً نسبياً يبعث على الأمل رغم أن العملة لا تزال بعيدة عن مستوياتها في عام 2023 التي تراوحت بين 1000 و1200 ريال للدولار.

تشير البيانات الحديثة إلى استقرار سعر الصرف في العاصمة الاقتصادية عدن عند 1618 ريال للشراء و1636 ريال للبيع مقابل الدولار الأمريكي، بينما يتداول الريال السعودي عند 425 ريال للشراء و430 ريال للبيع. هذه الأرقام تعكس تحسناً ملموساً في آليات السوق المحلية واستقراراً نسبياً في التداولات اليومية للعملة الوطنية.

يبرز التباين الصارخ في أسعار الصرف بين المناطق المختلفة في اليمن كأحد أبرز التحديات التي تواجه توحيد السياسة النقدية. ففي الوقت الذي يتداول فيه الدولار بـ1636 ريال في عدن، نجد أن المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين تشهد تداولاً عند 535 ريال للشراء و540 ريال للبيع، مما يعكس وجود نظامين نقديين منفصلين داخل البلد الواحد.

بشرى للمستثمرين: الريال اليمني يتعافى في 2025 بعد تراجع حاد.. تعرف على توقعات الخبراء

جاء هذا التحسن المفاجئ في قيمة الريال اليمني بالتزامن مع خطوة تاريخية تمثلت في استئناف الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً للمشاورات مع صندوق النقد الدولي بعد انقطاع دام أحد عشر عاماً. هذه المشاورات، التي أعلن عنها رئيس الوزراء سالم بن بريك، تمثل محطة فارقة في مسيرة التعافي الاقتصادي وتعكس عودة الثقة الدولية في قدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة.

تكمن أهمية هذه المشاورات في كونها الأولى من نوعها منذ اندلاع الصراع في اليمن، وتأتي في إطار ما يُعرف بمشاورات المادة الرابعة التي يجريها صندوق النقد الدولي مع الدول الأعضاء لتقييم السياسات الاقتصادية الكلية وتقديم التوصيات اللازمة. لقاء محافظ البنك المركزي اليمني أحمد المعبقي مع ممثل المجموعة العربية في صندوق النقد الدولي الدكتور محمد معيط في واشنطن، يؤكد الجدية في استكمال هذا المسار نحو التطبيع الاقتصادي.

هبوط حاد عاناه الريال اليمني خلال السنوات الماضية- الأناضول

يقدم الخبير الاقتصادي والمالي وحيد الفودعي تفسيراً عملياً لهذه التطورات، مؤكداً أن المشاورات الحالية تمثل اختباراً حقيقياً لقدرة الحكومة وبنكها المركزي على التقدم في مسار الإصلاحات واستعادة الثقة المحلية والدولية. هذه الخطوة تأتي بعد سلسلة من الإجراءات الجديدة المتعلقة بسعر الصرف والرقابة المصرفية وتشكيل لجنة تنظيم وتمويل الاستيراد، مما ساهم في تحقيق الاستقرار النسبي الحالي.

رغم هذه المؤشرات الإيجابية، تظل التحديات كبيرة أمام الاقتصاد اليمني الذي عانى من انكماش قاسٍ بنسبة 27% في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي خلال العقد الماضي. انخفاض الإيرادات الحكومية من 22.5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2014 إلى أقل من 12% في عام 2024، وارتفاع الدين العام إلى أكثر من 100% من إجمالي الناتج المحلي، يؤكد عمق الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد.

شكل الدعم السعودي عاملاً حاسماً في تحقيق هذا الاستقرار النسبي، حيث قدمت المملكة العربية السعودية دعماً مالياً كبيراً بلغ حوالي ملياري دولار خلال الفترة 2023-2024. الإعلان الأخير عن دعم إضافي بقيمة ربع مليار دولار في سبتمبر الماضي يعزز من قدرة الحكومة على مواصلة تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية والحفاظ على الاستقرار النقدي المحقق.

تواجه الحكومة اليمنية تحدياً كبيراً في استعادة ثقة الموظفين العموميين الذين عانوا من تأخير رواتبهم لأربعة أشهر متتالية، قبل أن تعلن الحكومة مؤخراً عن بدء صرف الرواتب المتأخرة وفق خطة مالية شاملة. هذه الخطوة تأتي ضمن جهود أوسع لتحقيق الاستدامة في تمويل الرواتب وتحسين أوضاع العاملين في الدولة، مما يساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

يتوقع المراقبون الاقتصاديون أن يستمر التحسن النسبي في قيمة الريال اليمني خلال الأشهر المقبلة، شريطة استمرار تطبيق السياسات النقدية الجديدة والحفاظ على التنسيق مع صندوق النقد الدولي. نجاح هذه الإجراءات سيعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على تحقيق توازن دقيق بين متطلبات الإصلاح الاقتصادي والاستجابة للضغوط الاجتماعية والمعيشية للمواطنين.

تمثل العودة للتعامل مع صندوق النقد الدولي بعد انقطاع 11 عاماً خطوة استراتيجية نحو إعادة دمج الاقتصاد اليمني في النظام المالي العالمي. هذا التطور، المقترن بالتحسن المفاجئ في قيمة العملة الوطنية، يفتح المجال أمام احتمالية الحصول على دعم فني ومالي إضافي من المؤسسات الدولية، مما قد يساهم في تسريع عملية التعافي الاقتصادي الشامل في اليمن.

اخر تحديث: 18 أكتوبر 2025 الساعة 05:25 صباحاً
شارك الخبر