في لحظة تاريخية قد تنقذ أكثر من مليون يمني من الموت المحقق، تحوّل مطار عدن الدولي إلى أكبر مستشفى ميداني في الشرق الأوسط لمكافحة وباء الكوليرا القاتل. الرقم صادم: 1,153,000 شخص يواجهون خطر الإصابة - عدد يفوق سكان دولة البحرين بأكملها - في سباق محموم ضد الزمن لا يتجاوز 6 أشهر فقط. كل ساعة تأخير قد تعني المزيد من الضحايا، والسؤال المرعب: هل سيكفي الوقت لإنقاذ الأرواح؟
في مشهد يحبس الأنفاس، دشنت وزارة الصحة اليمنية مشروعاً استثنائياً بتمويل سعودي ضخم من مركز الملك سلمان للإغاثة، يهدف لإنشاء فرق طبية متخصصة في 4 محافظات منها عدن وحضرموت. "المشروع يمثل حجر زاوية في الحد من انتشار الأوبئة"، يؤكد د. سالم الشبحي، وكيل وزارة الصحة، بينما تعكس عيناه مزيجاً من الأمل والقلق. فاطمة أحمد، مسافرة يمنية عائدة من الخارج، تروي بصوت مرتجف: "كنت أخشى الموت في المطار، لكن رؤية الفرق الطبية منحتني أملاً لم أشعر به منذ سنوات."
الحقيقة المرة تكشف أن هذا الوباء ليس وليد اللحظة، بل نتيجة حتمية لسنوات من الحرب الدامية التي دمرت النظام الصحي اليمني منذ 2014. نقص المياه النظيفة، انهيار شبكات الصرف الصحي، وانتشار سوء التغذية خلق بيئة مثالية لتفشي الكوليرا أسرع من انتشار النار في الهشيم. الخبراء يقارنون الوضع بأوبئة الطاعون في العصور الوسطى، لكن مع فارق حاسم: اليوم لدينا العلم والتكنولوجيا لمحاربة هذا العدو الخفي.
تأثير المشروع يتجاوز الأرقام إلى تفاصيل الحياة اليومية المؤلمة. علي السالمي، موظف في مطار عدن، يشهد التحول المذهل: "المطارات أصبحت مستشفيات مصغرة، والمسافرون يشعرون بالأمان لأول مرة منذ سنوات." د. محمد العامري، المتطوع البطل الذي يفحص 200 مسافر يومياً، يحذر بحماس: "النجاح يتطلب التزام الجميع بالإجراءات الوقائية - غسل اليدين، تجنب المياه الملوثة، والإبلاغ الفوري عن أي أعراض." الفرصة الذهبية أمامنا لتحويل هذه الأزمة إلى نقطة انطلاق لبناء نظام صحي متطور في اليمن.
مشروع إنساني ضخم ينطلق لإنقاذ أكثر من مليون يمني، بدعم سعودي لا محدود، وخطة طموحة تمتد لستة أشهر حاسمة. النجاح هنا لا يعني فقط القضاء على الوباء، بل إعادة الأمل لشعب عانى الويلات. السؤال الذي يحدد مصير الملايين: هل سيكون هذا المشروع بداية النهاية لمعاناة اليمن الصحية، أم مجرد قطرة في بحر من الألم؟