في تطور مأساوي يهز المجتمع اليمني الأمريكي، سقط ضحية سادسة خلال تسعة أشهر فقط، بمعدل يفوق ضحايا الإرهاب في أمريكا ذاتها. عماد عبد الحميد الحربي، الشاب اليمني الأمريكي، لم يكن يعلم أن لحظات عمله الأخيرة في متجره بمدينة سيراكيوز ستكون موعداً مع الموت، عندما اقتحم مسلحون مجهولون محله التجاري وأطلقوا عليه الرصاص بدم بارد. الحادثة الثانية خلال أسبوع واحد فقط تؤكد حقيقة مرعبة: حمل لقب "يمني أمريكي" أصبح شهادة وفاة مؤجلة في شوارع أمريكا.
عماد، الذي ينحدر من مديرية الشعر بمحافظة إب، كان مجرد شاب ثلاثيني يحلم بحياة كريمة في بلد الأحلام، لكن حلمه تحول إلى كابوس دموي عندما دوت طلقات الموت في أرجاء متجره مساء الأحد. رغم نقله الفوري للمستشفى وإجراء عملية جراحية طارئة، فارق الحياة متأثراً بجراحه، ليضاف اسمه إلى قائمة سوداء تضم العشرات من المغتربين اليمنيين الذين سقطوا ضحايا العنف المسلح. أحمد النعمي، ناشط في المجتمع اليمني الأمريكي، يصف المشهد بقوله: "نعيش في رعب دائم، كل صباح نتساءل: من سيكون الضحية القادمة؟"
هذا النمط الإجرامي المتكرر ليس وليد اللحظة، بل يعكس استهدافاً منظماً لأصحاب المتاجر الصغيرة من الأقليات العربية. قبل أسبوع واحد فقط، سقط غسان سعيد الشعيبي برصاص مسلحين في ولاية ميسيسيبي، في حادثة مماثلة تماماً استهدفت متجره أثناء عملية سطو مسلح. الدكتور سعد الأمني، خبير الجريمة المنظمة، يحذر: "النمط واضح وخطير - عصابات تستهدف المتاجر الصغيرة لأنها أهداف سهلة، والمغتربون اليمنيون يدفعون الثمن الأغلى." هذا التكرار المرعب يطرح تساؤلات جدية حول مدى الحماية الأمنية المتوفرة للمغتربين في بلد يفترض أنه الأكثر أماناً في العالم.
المأساة الحقيقية لا تكمن فقط في الأرقام الصادمة، بل في تأثيرها المدمر على الحياة اليومية لآلاف المغتربين اليمنيين. المتاجر تغلق أبوابها مبكراً، الأسر تعيش في قلق دائم، والأطفال يخافون على آبائهم كلما غادروا للعمل. أم محمد، زوجة أحد أصحاب المتاجر، تروي معاناتها: "لا أستطيع النوم حتى يعود زوجي سالماً، كل رنة هاتف تصيبني بالرعب." هذا الواقع المؤلم يدفع العديد من المغتربين للتفكير في الهجرة إلى ولايات أكثر أماناً، أو حتى العودة إلى اليمن رغم الظروف الصعبة هناك. السيناريو الأسوأ يلوح في الأفق: إما حماية فورية أو مأساة أكبر قادمة لا محالة.
بينما تتوالى التعازي وتُرفع الدعوات للمرحوم عماد الحربي، تبقى الأسئلة الحارقة معلقة في الهواء دون إجابات شافية. ستة ضحايا في تسعة أشهر ليست مجرد إحصائية، بل صرخة استغاثة من مجتمع يواجه خطر الانقراض التدريجي. الوقت ينفد أمام المسؤولين الأمريكيين لاتخاذ إجراءات حماية عاجلة، قبل أن تتحول هذه القائمة السوداء إلى مذبحة حقيقية. السؤال الذي يؤرق الضمائر: كم ضحية أخرى نحتاج لنقول "كفى" للعنف ضد مغتربينا؟