في مأساة لا تزال فصولها تتكشف يومياً، سجلت اليمن رقماً صادماً: 98 قتيلاً بالصواعق الرعدية في شهرين فقط، بمعدل يشكل صفعة مدوية للضمير الإنساني - ضحية كل 30 ساعة تقريباً. الحديدة تكتب أحدث فصول هذه المأساة بـ8 أرواح جديدة تنضم إلى قائمة الراحلين، وسط تحذيرات مرعبة من خبراء الأرصاد: مع اقتراب موسم الأمطار الثاني، قد نشهد مضاعفة هذا الرقم المأساوي.
ليلة أمس، تحولت سماء الحديدة إلى جحيم مرعب. نشاط رعدي كبير لسحابة استوائية ممطرة حول المحافظة إلى مسرح مأساة، حيث سقط 8 أشخاص صرعى وأصيب 3 آخرون بصواعق غادرة شقت السماء المظلمة. محمد العبسي، مزارع في الحديدة، كان يحاول إيواء ماشيته عندما ضربته الصاعقة - مشهد يتكرر يومياً في 11 محافظة يمنية تحولت إلى ساحة معركة مع الطبيعة الغاضبة. "قصف الرعد المرعب وصرخات الذعر تملأ الليل"، يروي سالم الحديدي، شاهد عيان على جحيم تلك الليلة.
منذ أواخر يونيو، تشهد اليمن موسماً استثنائياً لم تعرفه من قبل في تاريخها الحديث. حجة تتصدر قائمة المأساة بـ22 ضحية، تليها الحديدة بـ16 روحاً، ثم عمران بـ14 قتيلاً. د. فاطمة الزهراني، أخصائية المناخ، تؤكد أن "التغير المناخي وموقع اليمن الجغرافي يجعلانها هدفاً مثالياً للعواصف الاستوائية". خبراء الأرصاد يقرعون جرس الإنذار: هذه مجرد البداية، والأسوأ قادم مع تسارع وتيرة التغيرات المناخية العالمية.
في كل بيت يمني، تحولت أصوات الرعد من نعمة تبشر بالمطر إلى كابوس يرعب الأطفال. المزارعون يتجنبون الحقول، والأطفال ممنوعون من اللعب خارجاً بمجرد ظهور أول غيمة. عائلات بأكملها تنتظر بقلوب واجفة انتهاء كل عاصفة، وسط مطالبات شعبية متزايدة بتطوير أنظمة إنذار مبكر. الخبراء يؤكدون إمكانية تقليل الضحايا بنسبة 80% مع الوعي والحماية المناسبة، لكن الواقع يكشف عن ضعف مؤلم في البنية التحتية وأنظمة الحماية.
98 ضحية في شهرين، 11 محافظة تبكي أبناءها، وظاهرة في تزايد مستمر - هذا هو الواقع المرير الذي تواجهه اليمن. مع دخول موسم الأمطار الثاني، نقف أمام سؤال مصيري يحتاج إجابة عاجلة: كم ضحية إضافية نحتاج لنتخذ إجراءات جدية لحماية أرواح اليمنيين من هذه الظاهرة القاتلة؟ الوقت ينفد، والأرواح تتساقط، والحلول في انتظار من يملك الإرادة لتنفيذها.