في مشهد مثير يعكس قوة الإرادة السعودية، نجحت الأندية في تحرير نفسها من قيود "فيفا" الحديدية بدفع 55 مليون ريال خلال أشهر قليلة، محققة إنجازاً استثنائياً بحل 90% من قضاياها المالية. لكن الصدمة تكمن في أن نادياً واحداً فقط - أحد - يحمل على كاهله 11 قضية بقيمة 17 مليون ريال، رقم مرعب لناد في الدرجة الثانية! مع اقتراب فترة الانتقالات الشتوية، تبقى 5 أندية محاصرة في سجن "فيفا"، والسؤال المحوري: هل ستتمكن من الفكاك قبل فوات الأوان؟
المعركة القانونية الضروس التي خاضتها الأندية السعودية ضد قوائم المنع الدولية انتهت بانتصار ساحق لا يُصدق. من 75 قضية إلى 17 فقط، ومن 25 نادياً ممنوعاً إلى 5 أندية - هذه أرقام تحكي قصة نجاح مذهلة في زمن قياسي. سعود الرمان، المستشار القانوني الذي قاد هذه المعركة، يكشف لـ"الاقتصادية": "بفضل الله أولاً تم إقفال أكثر من 90% من القضايا، والأندية أصبحت تتعاقد مع صفقات كبيرة لكنها تعاني قلة الموارد المالية". أحمد العتيبي، مشجع نادي أحد منذ 20 عاماً، يراقب بقلق مصير ناديه: "نعيش على أعصابنا، كل يوم نتساءل: متى سينقذ أحد نفسه؟"
جذور الأزمة تمتد لتطور الكرة السعودية المتسارع وثورة الاستثمارات الرياضية، حيث تسابقت الأندية على استقطاب النجوم العالميين دون حساب دقيق للإمكانيات المالية. المشكلة بسيطة لكن مؤلمة: أندية تحلم بالعالمية لكن خزائنها محلية، تستقدم لاعبين بملايين الريالات ثم تعجز عن الوفاء بالتزاماتها. هاريس بلقبلة، الحارس الجزائري، ينتظر 4.5 مليون ريال من نادي أحد، بينما نيكولاس ميليسي يطالب بـ1.5 مليون، في مشهد يذكرنا بأزمة الديون اليونانية عام 2010، لكن بحل سعودي أسرع وأكثر فعالية.
التأثير على الحياة اليومية واضح كالشمس: جماهير الفتح والشباب وضمك تنفس الصعداء بعد تحرير أنديتها، بينما مشجعو أحد وبيشة والسد يعيشون أياماً صعبة في انتظار الفرج. د. محمد الغامدي، خبير اقتصاديات الرياضة، يؤكد: "الأزمة فرصة ذهبية لإعادة هيكلة الأندية مالياً وتطوير أنظمة إدارية احترافية". فترة الانتقالات الشتوية ستشهد عودة قوية لـ20 نادياً محرراً، مع منافسة شديدة على أفضل اللاعبين. لكن التحذير واضح: 22 مليون ريال متبقية تساوي راتب كريستيانو رونالدو لشهرين، مبلغ ليس بالهين على الأندية المتعثرة.
بين انتصار ساحق وتحدٍ متبقٍ، تقف الكرة السعودية على مفترق طرق. 55 مليون ريال دُفعت، 90% نجحت، 5 أندية تنتظر - هذه خريطة المعركة الحالية. فترة الانتقالات الشتوية ستكون المؤشر الحقيقي لاكتمال قصة التحرر. على الجماهير دعم أنديتها مالياً، وعلى الإدارات التعلم من درس قاسٍ كلف الملايين. السؤال المصيري الآن: هل ستنجح الأندية المتبقية في كسر قيودها قبل فوات الأوان، أم ستدفع ثمن سوء الإدارة سنوات إضافية في منفى "فيفا"؟