في أقل من ساعتين، تم تفكيك حلم عمال النظافة في تعز، حين أقدمت السلطات المحلية على اقتلاع مخيميهم البسيطين من أمام مبنى المحافظة دون تحقيق أي من مطالبهم المشروعة. مخيمان بسيطان هزا أركان السلطة وأجبروها على التحرك بالقوة، فيما يخشى المواطنون من عودة تراكم القمامة في شوارع المدينة التي تعاني أصلاً من أزمات خدمية خانقة.
في عملية سريعة ومحسوبة، تحركت السلطات المحلية فجراً لإزالة مخيمي الاعتصام باستخدام آليات الرفع، مفككة بذلك آمال عمال النظافة في الحصول على حقوقهم المتأخرة منذ شهور. أحمد العامل، الأربعيني وأب لخمسة أطفال، لم يخف صدمته قائلاً: "فوجئنا بالآليات تحيط بمخيماتنا دون سابق إنذار، كأنهم يتعاملون مع مجرمين وليس عمالاً يطالبون برواتبهم المتأخرة منذ شهرين." وبحسب مصادر محلية، فإن عرفات جامل، نائب الشهيدة إفتهان المشهري، مارس ضغوطاً مباشرة على العمال وهددهم لإجبارهم على العودة للعمل.
الاعتصام جاء بعد أشهر من تأخير الرواتب وتدهور ظروف العمل، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة وضعف الموازنات المخصصة للخدمات العامة. وليس هذا الاعتصام الأول لعمال القطاع العام في اليمن خلال الأزمة الحالية، حيث شهدت مدن أخرى احتجاجات مماثلة لعمال الصحة والتعليم. د. علي الاقتصادي، خبير شؤون العمل، حذر من تفاقم أزمة الخدمات العامة قائلاً: "إهمال حقوق العمال سيؤدي حتماً لانهيار منظومة الخدمات العامة بالكامل."
المواطنون الآن يعيشون قلقاً حقيقياً من عودة تراكم القمامة في الأحياء السكنية، خاصة مع اقتراب فصل الصيف وما يحمله من مخاطر صحية. فاطمة المناضلة، زوجة أحد عمال النظافة، قادت حملة دعم للمحتجين وجمعت تبرعات غذائية، وقالت: "زوجي يعمل تحت الشمس الحارقة طوال اليوم لينظف المدينة، أليس من حقه الحصول على راتب يطعم به أطفاله؟" وتتراوح ردود أفعال المواطنين بين مؤيد لحق العمال في مطالبهم ومنتقد لتعطيل الخدمات، لكن الغالبية تدرك أن المشكلة في السلطات وليس في العمال.
اعتصام انتهى بالقوة، لكن المشكلة الجذرية لا تزال قائمة، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستجد تعز حلاً حقيقياً لأزمة عمال النظافة أم ستكتفي بالحلول المؤقتة؟ الوقت مناسب الآن للحوار الجدي بين جميع الأطراف قبل أن تتفاقم الأزمة أكثر. متى سيدرك المسؤولون أن كرامة العامل هي كرامة المدينة؟