كشفت الهيئة العامة للطرق عن تطوير مبتكر في مجال إعادة تدوير مخلفات البناء، حيث نجحت في تحويل 22 مليون طن من نفايات البناء والهدم سنويًا إلى مواد خام عالية الجودة لتطوير شبكة الطرق في المملكة. هذا المشروع الرائد يمثل نموذجًا عالميًا في الاستدامة البيئية وكفاءة الإنفاق الحكومي، حيث يحول النفايات المكلفة إلى موارد اقتصادية قيمة.
يأتي هذا الابتكار في إطار مشروع تطوير طريق الكلية التقنية للسياحة والفندقة في محافظة المزاحمية، الذي يمتد على مسافة 650 متراً. المشروع يعكس توجه المملكة الاستراتيجي نحو تبني التقنيات الصديقة للبيئة في مشاريع البنية التحتية الحيوية.
تشير البيانات الرسمية إلى أن المملكة تنتج سنويًا أكثر من 22 مليون طن من مخلفات البناء والهدم، وهي كمية ضخمة كانت تشكل عبئًا بيئيًا واقتصاديًا. لكن الهيئة العامة للطرق تمكنت من تطوير آليات متقدمة لإعادة تدوير هذه المخلفات وتحويلها إلى مواد خام عالية الجودة تدخل في صناعة الخلطات الإسفلتية.
يتميز هذا النهج المبتكر بتحقيق فوائد متعددة الأبعاد. فمن الناحية البيئية، يسهم في تقليل الضغط على المكبات والحد من التلوث الناتج عن تراكم نفايات البناء. ومن الناحية الاقتصادية، يوفر موارد مالية كبيرة كانت تُستخدم في شراء المواد البكر، بينما يخفض تكاليف التخلص من النفايات بطرق تقليدية مكلفة.
أثبتت التجارب السابقة في منطقة الرياض ومحافظتي جدة والأحساء نجاح هذه التقنية في تحسين جودة الخلطات الإسفلتية بشكل ملحوظ. النتائج أظهرت أن الطرق المنتجة بهذه التقنية تتمتع بمتانة أعلى ومقاومة أفضل للتآكل والعوامل الجوية، مما يقلل تكاليف الصيانة على المدى الطويل.
يندرج هذا المشروع ضمن برنامج تطوير قطاع الطرق الطموح، الذي يستهدف تحقيق المركز السادس عالميًا في مؤشر جودة الطرق بحلول عام 2030. البرنامج يضع أهدافًا استراتيجية تشمل تقليل معدل الوفيات المرورية إلى أقل من خمس حالات لكل مئة ألف نسمة، وتأمين شبكة الطرق بعوامل السلامة وفق المعايير الدولية.
تؤكد الهيئة العامة للطرق التزامها بتبني حلول مبتكرة تجمع بين الكفاءة الاقتصادية والمسؤولية البيئية. هذا التوجه يجعل شبكة الطرق السعودية نموذجًا يحتذى به عالميًا في مجال الاستدامة والابتكار التقني، مما يعزز موقع المملكة كرائد في تطبيق التقنيات الحديثة لخدمة التنمية المستدامة.
من المتوقع أن تسهم هذه المبادرة في تعزيز الاقتصاد الدائري من خلال استثمار الموارد المتاحة بدلاً من هدرها، بالإضافة إلى دعم أهداف رؤية المملكة 2030 في مجال الاستدامة البيئية. كما ستساعد في تقليل الانبعاثات الكربونية الناتجة عن عمليات إنتاج المواد البكر واستخراجها من المحاجر التقليدية.