يواجه العالم اليوم تصاعداً في القلق الدفاعي عقب الإعلان عن صفقة أمريكية ضخمة لشراء 2000 صاروخ باتريوت بقيمة 9.8 مليار دولار، وذلك في أعقاب فشل منظومة الليزر الصينية SkyShield في البيئة الصحراوية السعودية. هذا التطور يكشف عن تحولات جذرية في معادلات الدفاع الجوي العالمي ويعيد تشكيل استراتيجيات مواجهة التهديدات المتطورة.
أعلن الجيش الأمريكي عن توقيع أضخم عقد في تاريخه لإنتاج صواريخ باتريوت، حيث منح شركة "لوكهيد مارتن" اتفاقاً بقيمة 9.8 مليار دولار لتصنيع نحو 2000 صاروخ اعتراضي من طراز PAC-3 MSE خلال السنة المالية 2026. وبحسب البيان الرسمي، يغطي العقد شراء 1,970 صاروخاً "ومعدات مرتبطة بها لصالح الولايات المتحدة وشركائها الدوليين".
تأتي هذه الصفقة الضخمة في ظل تزايد المخاوف من فعالية أنظمة الدفاع الليزرية البديلة، خاصة بعد تعثر أداء منظومة SkyShield الصينية في البيئة السعودية. كشفت التجارب التشغيلية للمنظومة الصينية عن قيود شديدة في فعالية سلاح الليزر Silent Hunter، حيث أشار ضابط سابق في الجيش السعودي شارك في تنسيق المشروع إلى أن السلاح يحتاج أحياناً إلى 15-30 دقيقة من الاستهداف المستمر لضمان إسقاط طائرة مسيّرة واحدة.
وفقاً للمصادر العسكرية السعودية، فإن الظروف الصحراوية أثرت سلباً على أداء نظام SkyShield، حيث تسببت الرمال والغبار في إعاقة التتبع البصري وإضعاف شعاع الليزر، بينما أدت درجات الحرارة المرتفعة إلى استنزاف معظم طاقة النظام في عمليات التبريد بدلاً من الإطلاق الفعال. هذه النتائج المخيبة للآمال دفعت السلطات السعودية لطلب تحسينات تقنية جذرية من الصين لتتلاءم المنظومة مع المناخ الحار والمغبر.
في المقابل، أظهرت وحدات التشويش الإلكتروني JN1101 ضمن منظومة SkyShield موثوقية أعلى، حيث تم تحييد معظم الطائرات المسيّرة المعترضة بواسطة أنظمة التشويش وليس الليزر. هذا التباين في الأداء يسلط الضوء على محدودية تقنيات الطاقة الموجهة في البيئات القاسية، مما يفسر التوجه الأمريكي نحو تعزيز الاعتماد على الصواريخ التقليدية المثبتة الفعالية.
تم هيكلة الصفقة الأمريكية كبرنامج شراء متعدد السنوات يمتد من 2024 حتى 2026، بهدف ضمان استقرار التكاليف وتسريع وتيرة التسليم. يُعد صاروخ PAC-3 MSE عنصراً محورياً في منظومات الدفاع الجوي والصاروخي الأمريكية والحليفة، إذ صُمّم للتصدي للصواريخ الباليستية التكتيكية وصواريخ الكروز والتهديدات الفرط الصوتية. ويعتمد على تقنية "الاصطدام المباشر" التي ترتكز على الطاقة الحركية بدلاً من الرؤوس المتفجرة لتدمير التهديدات بدقة عالية.
أكد اللواء فرانك لوزانو، المدير التنفيذي لبرنامج الصواريخ والفضاء، على أهمية هذا النوع من العقود قائلاً: "إن هذه العقود تمكّن الجيش من الحصول على كميات أكبر من الصواريخ وتسليمها بشكل أسرع، مما يسرّع ملء مخزوناتنا". وأوضح مسؤولو الجيش أن العقود الممتدة لعدة سنوات تُستخدم بشكل متزايد لتأمين الذخائر الحرجة، حيث توفر للشركات الاستقرار المطلوب للتخطيط وتخصيص الموارد.
من جانبه، شدد جوزيف جونتا جونيور، كبير مسؤولي التعاقد في قيادة العقود بالجيش الأمريكي، على أن الصفقة تعكس تخطيطاً مدروساً وانضباطاً مالياً. وقال: "هذا العقد يتيح لنا تحقيق توقعات دقيقة للتكاليف وتوفيراً مالياً، مع تعزيز سلسلة توريد الذخائر الحرجة وتعظيم كفاءتنا التشغيلية".
تكتسب هذه الصفقة أهمية خاصة في ظل التطورات العسكرية الإقليمية والدولية المتسارعة، حيث تزايدت التهديدات من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة في مناطق مختلفة من العالم. وتهدف الولايات المتحدة من خلال شراء هذا العدد الضخم من الصواريخ إلى تعزيز مخزونها الداخلي وزيادة حصة الدول الشريكة من هذه التقنيات المتقدمة.
أقيمت مراسم توقيع العقد في 3 سبتمبر بمقر "لوكهيد مارتن" في غراند بريري بولاية تكساس، بحضور مسؤولين من الشركة وقيادات عسكرية رفيعة المستوى. ويُتوقع أن تدعم هذه الصفقة خطوط الإنتاج وتضمن استقرار القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه تقنيات الدفاع البديلة مثل أسلحة الليزر.
تُظهر الأحداث الأخيرة أن التقنيات العسكرية المتطورة ليست دائماً الحل الأمثل، خاصة عندما تواجه تحديات بيئية قاسية. فبينما تستمر الصين في تطوير أسلحة الطاقة الموجهة، تراهن الولايات المتحدة وحلفاؤها على الصواريخ التقليدية المثبتة الفعالية مثل باتريوت، مما يعكس نهجاً براغماتياً في مواجهة التهديدات المعاصرة.