كشفت بيانات أسعار الصرف المحدثة ليوم الأربعاء 3 سبتمبر 2025، عن تباين صارخ وصل إلى ثلاثة أضعاف في قيمة الريال اليمني بين العاصمة المؤقتة عدن ومناطق سيطرة جماعة الحوثي في صنعاء، حيث سجل الدولار الأمريكي 1617 ريالاً للشراء في عدن مقابل 535 ريالاً فقط في صنعاء، وسط تحذيرات من البنك المركزي اليمني من مضاربات مشبوهة تستهدف استقرار العملة الوطنية.
وتعكس هذه الفجوة السعرية الواسعة عمق الانقسام الاقتصادي والسياسي في اليمن، حيث تطبق السلطات في كل منطقة سياسات نقدية مختلفة تماماً، مما خلق اقتصادين منفصلين داخل البلد الواحد.
في التفاصيل، شهدت أسواق الصرافة في عدن استقراراً نسبياً بأسعار الصرف، حيث تراوح سعر شراء الدولار الأمريكي بين 1617-1618 ريالاً يمنياً، فيما وصل سعر البيع إلى 1632-1633 ريالاً. وبالنسبة للريال السعودي، فقد حافظ على استقرار ملحوظ عند مستوى 425 ريالاً للشراء و428 ريالاً للبيع.
في المقابل، تسجل أسواق الصرافة في صنعاء أسعاراً مختلفة جذرياً، حيث يتداول الدولار الأمريكي عند 535 ريالاً للشراء و540 ريالاً للبيع، بينما يبلغ سعر الريال السعودي 140 ريالاً للشراء و140.5 ريالاً للبيع. هذا التباين الحاد يعني أن المواطن في عدن يحتاج إلى أكثر من ثلاثة أضعاف ما يحتاجه نظيره في صنعاء لشراء نفس الكمية من العملة الأجنبية.
ويأتي هذا التطور وسط تحذيرات صارمة من البنك المركزي اليمني من محاولات المضاربة والتلاعب بأسعار العملة، حيث أعلن الأحد الماضي عن اتخاذ إجراءات قانونية ضد المتلاعبين ومصادرة الأرصدة التي تمت المضاربة بها خلال اليومين السابقين. وشدد البنك على أن جميع المبالغ المشتراة من العملات الأجنبية خلال تلك الفترة تعتبر ملكاً للبنك المركزي واللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات.
وحذر البنك المركزي من "الآثار الخطيرة" للحملات التحريضية المشبوهة التي تستهدفه كمؤسسة سيادية، مؤكداً على حساسية القطاع المالي والمصرفي وخطورة التشويه والانتهاكات التي تؤثر على الاستقرار الاقتصادي وانسيابية سلاسل الإمداد.
من جهة أخرى، أعرب البنك المركزي عن اعتزازه بدعوة مجلس التعاون الخليجي في دورته الـ165 بالكويت إلى تعزيز دوره لدعم العملة الوطنية، مؤكداً أن هذا الدعم الخليجي سيمكنه من مواصلة جهوده في مسار الإصلاحات المالية والمصرفية رغم التحديات والإعاقات القائمة.
ويشير المحللون الاقتصاديون إلى أن التباين الحاد في أسعار الصرف بين المناطق اليمنية يعكس واقع الانقسام السياسي والاقتصادي المستمر منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، حيث تدير كل سلطة سياستها النقدية بشكل منفصل، مما يخلق تحديات جمة للمواطنين والتجار والمستثمرين في التعامل مع هذا الواقع المعقد.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية الطاحنة في اليمن، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها إحدى أكثر الأزمات الإنسانية كارثية في العالم، حيث دمرت الحرب المستمرة منذ سنوات معظم القطاعات الاقتصادية وأثرت بشكل مباشر على حياة ملايين اليمنيين الذين يعانون من تدهور القوة الشرائية وصعوبة الحصول على العملات الأجنبية اللازمة لتلبية احتياجاتهم الأساسية.