الرئيسية / من هنا وهناك / تفاصيل الاطاحة بأخطر 3 سيدات يمنيات.. وكيف نجحن في جمع ثروة تقدر بـ211 مليار ريال من جيوب وخزائن أهل صنعاء ؟!
تفاصيل الاطاحة بأخطر 3 سيدات يمنيات.. وكيف نجحن في جمع ثروة تقدر بـ211 مليار ريال من جيوب وخزائن أهل صنعاء ؟!

تفاصيل الاطاحة بأخطر 3 سيدات يمنيات.. وكيف نجحن في جمع ثروة تقدر بـ211 مليار ريال من جيوب وخزائن أهل صنعاء ؟!

نشر: verified icon رغد النجمي 28 أغسطس 2025 الساعة 10:31 مساءاً

في مشهد غير مسبوق من عالم الجريمة المالية في اليمن، نجحت السلطات المحلية في صنعاء أخيراً في إسدال الستار على واحدة من أكثر عمليات الاحتيال المالي جرأة وتنظيماً في تاريخ البلاد. 

ثلاث سيدات، بحكة تجارية وذكاء اجتماعي لافت، استطعن اختراق دائرة الثقة المجتمعية واستقطاب 130 ألف شخص أودعوا لديهن ما يقارب 211 مليار ريال يمني، مستسلمين لوعود برّاقة بأرباح سريعة في بلد مزقته الحرب وأنهكته الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.

تفاصيل عمليات الاحتيال:

نسجت المتهمات الثلاث - فتحية المحويتي ممثلة شركة "فلافور تهامة"، وبلقيس الحداد ممثلة "قصر السلطانة"، وفادية عقلان التي تقف خلف "إعمار تهامة" - خيوط عملياتهن بدهاء كبير، مستخدمات واجهات شركات وهمية تعمل دون تراخيص قانونية أو إشراف رقابي. 

ووفقاً للمعلومات المتاحة، فقد اعتمدت هؤلاء النسوة على استراتيجية تسويقية محكمة قائمة على نشر قصص النجاح السريع، وبناء سمعة متداولة بين أوساط المجتمع اليمني المتعطش للفرص الاستثمارية.

كان الأسلوب الذي اتبعته المتهمات يعتمد بالأساس على نظام "بونزي" الشهير، حيث كانت العوائد الأولية تُدفع من استثمارات المشتركين الجدد، مما خلق انطباعاً زائفاً بنجاح الاستثمار وجدارته. 

الأمر الذي دفع بالعديد من المواطنين - كما تشير المصادر المطلعة - إلى بيع ممتلكاتهم الثابتة من منازل وأراضٍ طمعاً في الثراء السريع، قبل أن ينهار هذا البناء الهش كقلعة من الرمال بمجرد توقف تدفق المستثمرين الجدد.

الأثر الاقتصادي والسوقي:

لا يمكن فصل هذه القضية عن السياق الاقتصادي العام في اليمن، حيث يعاني البلد من تدهور متواصل في قيمة العملة المحلية وانهيار في القطاعات الإنتاجية. 

وكما يرى المحللون الاقتصاديون، فإن غياب الفرص الاستثمارية الآمنة والمنظمة قانوناً دفع المواطنين للمخاطرة بمدخراتهم في مشاريع غير موثوقة. بينما أشارت مصادر مالية إلى أن حجم الضرر قد تجاوز الخسائر المادية المباشرة ليطال ثقة المواطنين في أي مبادرات استثمارية مستقبلية.

المفارقة المؤلمة في هذه القصة تكمن في أن معظم ضحايا عمليات الاحتيال هم من الطبقة المتوسطة والفقيرة، الذين رأوا في هذه الاستثمارات المزعومة طوق نجاة من أزماتهم المعيشية المتفاقمة. 

وفي تصريحات لبعض المتضررين، كشفوا كيف أن بعض العائلات فقدت كل مدخراتها ومقتنياتها الثمينة التي جمعتها على مدى سنوات. 

هذا الأثر الاجتماعي والاقتصادي العميق يطرح تساؤلات جوهرية حول مسؤولية الدولة في حماية مواطنيها من مثل هذه الممارسات الاحتيالية.

فجوات خطيرة في المنظومة المالية:

تكشف هذه القضية عن فجوات خطيرة في المنظومة الرقابية والتشريعية المالية في اليمن، حيث تمكنت ثلاث شركات وهمية من العمل علناً وجمع مئات المليارات دون أن تثير شكوك الجهات الرقابية المختصة لفترة طويلة. 

وقد أثار هذا الإخفاق الرقابي استياءً واسعاً في أوساط الخبراء الاقتصاديين والقانونيين، الذين يطالبون بإعادة هيكلة آليات الرقابة المالية وتحديث التشريعات الخاصة بالاستثمار والشركات. 

وفي هذا السياق، يشير المختصون إلى نموذج "يمن موبايل" باعتباره مثالاً ناجحاً للشراكة بين القطاعين العام والخاص يمكن الاستفادة منه في تصميم آليات استثمارية آمنة. 

وتؤكد مصادر قانونية أن الحل الأمثل يكمن في إنشاء هيئة مستقلة للرقابة المالية تتمتع بصلاحيات واسعة للتدقيق في أنشطة الشركات الاستثمارية، إضافة إلى تبني سياسة التثقيف المالي للمواطنين لتعزيز قدرتهم على تمييز الفرص الاستثمارية الحقيقية من عمليات الاحتيال. 

كما يقترح بعض الخبراء ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا المالية الحديثة في بناء منصات استثمارية شفافة وخاضعة للرقابة المستمرة، تتيح للمواطنين استثمار مدخراتهم بطرق آمنة وبعوائد معقولة.

وتمثل قضية الاحتيال المالي هذه نقطة تحول محتملة في تاريخ النظام المالي اليمني، فإما أن تكون حافزاً لإصلاحات جذرية تعزز من سلامة البيئة الاستثمارية، أو أن تضيف طبقة أخرى من عدم الثقة في المؤسسات المالية والاستثمارية.

 والحقيقة التي لا مفر منها أن استعادة الثقة في الأسواق المالية اليمنية ستتطلب جهوداً حثيثة من جميع الأطراف المعنية، بدءاً من تطوير البنية التشريعية وتفعيل الآليات الرقابية، وصولاً إلى خلق بدائل استثمارية آمنة وشفافة تمكن المواطنين من تنمية مدخراتهم بعيداً عن مخاطر الاحتيال والنصب.

شارك الخبر