كشفت شركة الخطوط الجوية اليمنية رسمياً عن بدء بيع تذاكر السفر بالريال اليمني اعتباراً من 20 أغسطس 2025، تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء رقم 13 للعام الجاري، إلا أن اعتماد سعر صرف 1633 ريال يمني للدولار الواحد يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى استفادة المسافرين الفعلية من هذا التحول.
وتشير التفاصيل الجديدة إلى أن القرار لا يحمل التخفيف المنتظر للمواطنين، حيث تبقى تكلفة السفر ذاتها مع تحويل بسيط في آلية الدفع من الدولار إلى الريال اليمني. المسافر الذي كان يدفع 500 دولار سيجد نفسه الآن يدفع 816,500 ريال يمني بالضبط، دون أي وفورات حقيقية.
الأمر الأكثر إثارة للجدل يكمن في اختيار الشركة لسعر صرف 1633 ريال للدولار، وهو أعلى بـ16 ريالاً من السعر الرسمي المعتمد حكومياً البالغ 1617 ريالاً للدولار الواحد. هذا التباين يعني تحميل المسافرين تكلفة إضافية مخفية تبلغ 16 ريالاً عن كل دولار من قيمة التذكرة، مما يرفع التكلفة الإجمالية بدلاً من تخفيضها.
تقتصر التوجيهات الجديدة على مكاتب المبيعات والوكلاء داخل اليمن ببيع التذاكر وتحصيل قيمتها بالعملة المحلية للخطوط التي تنطلق من الأراضي اليمنية حصرياً. وتمنع الشركة صراحة بيع التذاكر بالريال اليمني للركاب الذين يبدأ سفرهم من خارج البلاد، مما يحد من نطاق تطبيق القرار ويقلل من شموليته.
وحسب مصادر داخل ويجو للطيران، فإن أسعار التذاكر ستحافظ على مستوياتها السابقة، حيث ستقتصر العملية على تحويل قيمة التذاكر من الدولار إلى الريال وفق سعر الصرف المعتمد من الشركة، دون أي تعديل فعلي في هيكل التسعير أو تقديم خصومات للمسافرين.
أكد الناطق الرسمي للشركة حاتم الشعبي أن هذا الإجراء يأتي استجابة للتوجيهات الحكومية الرامية لوقف التعامل بالعملات الأجنبية في المعاملات المحلية، مشيراً إلى حرص الشركة على تسهيل الإجراءات للمسافرين. لكن الواقع العملي يشير إلى محدودية هذا التسهيل، خاصة مع فرض قيود على الرحلات المؤهلة والحفاظ على التكلفة الإجمالية ذاتها.
يأتي القرار ضمن توجيهات سابقة من رئيس الوزراء بضرورة الالتزام بالعملة الوطنية في جميع المعاملات التجارية والخدمية، كخطوة لتعزيز الثقة بالريال اليمني والحد من المضاربة بالعملات الأجنبية. إلا أن عدم تحقيق وفورات ملموسة للمواطنين يثير تساؤلات جدية حول فعالية هذه السياسات في تحقيق أهدافها المعلنة.
وبحسب مصدر مسؤول في الشركة، تأتي هذه الخطوة بتوجيه مباشر من رئيس مجلس إدارة الخطوط الجوية اليمنية الكابتن ناصر محمود، وتنسيق مع وزير النقل عبدالسلام حُميد الذي أكد الأسبوع الماضي التزام الشركة بقرار مجلس الوزراء القاضي بإعادة النظر في آلية تسعير تذاكر السفر.
من جهة أخرى، أعرب وكلاء الشركة عن رفضهم لبعض بنود التطبيق، خاصة منع البيع بالعملة المحلية للركاب الذين تبدأ رحلاتهم من خارج اليمن، حيث تتم معظم عمليات إصدار التذاكر للمسافرين القادمين من الخارج عبر وكالات سفر محلية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
تكشف هذه التطورات عن فجوة واضحة بين الوعود الحكومية والتطبيق الفعلي على أرض الواقع، حيث تبقى أعباء السفر مرتفعة رغم التحول الشكلي للعملة المحلية. هذا الواقع يضع علامات استفهام كبيرة حول مدى جدوى القرارات المتخذة في تخفيف معاناة المواطنين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن.
وفي سياق متصل، تشهد الأسواق المالية اليمنية تقلبات مستمرة في أسعار الصرف، مما يؤثر بشكل مباشر على قدرة المواطنين الشرائية ويزيد من التحديات الاقتصادية التي تواجه الأسر اليمنية في تدبير احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك السفر للضرورات الطبية أو التعليمية.
يأتي تطبيق هذا القرار في وقت تتزايد فيه الانتقادات الموجهة لسياسات الحكومة الاقتصادية، حيث يتساءل كثيرون عن مدى فعالية الإجراءات المتخذة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي أو تقديم حلول عملية لمشاكل المواطنين اليومية، خاصة مع استمرار الضغوط التضخمية وتراجع القوة الشرائية للريال اليمني في الأسواق المحلية والإقليمية.