أصدر المركز الوطني للأرصاد في اليمن تحذيراً عاجلاً من هطول 23 ملم من الأمطار الغزيرة التي تهدد 10 محافظات يمنية بسيول جارفة خلال الساعات القادمة، بالتزامن مع رفع السودان مستوى الإنذار إلى الدرجة "البرتقالية" استعداداً لمواجهة عواصف رعدية استثنائية.
سجلت محطات الرصد الجوي اليمنية كميات مطرية قياسية بلغت ذروتها في منطقة السدة بمحافظة إب حيث وصلت إلى 23 ملليمتراً خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، تلتها البيضاء بـ7.1 ملم، وذمار وتعز بـ3.6 ملم لكل منهما، والمحويت بـ3 ملليمترات، في مؤشر على تطور حالة جوية استثنائية تؤثر على معظم أنحاء البلاد.
المحافظات العشر المهددة بأعلى درجات الخطر تشمل صعدة وصنعاء وإب وتعز وذمار وريمة والمحويت والضالع والبيضاء وحجة، حيث تتوقع نشرة الأرصاد الرسمية هطول أمطار رعدية متفاوتة الشدة مصحوبة بحبات البرد والعواصف الرعدية القوية. كما تمتد دائرة التأثر لتشمل مناطق إضافية في الجوف ومأرب ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة، بالإضافة إلى سهل تهامة والسواحل الجنوبية والشرقية.
أكد المركز الوطني أن التغيرات الجوية الحالية تأتي نتيجة تأثر المنطقة بامتداد منخفض جوي في طبقات الجو العليا، بالتزامن مع كتلة هوائية رطبة تؤدي إلى تكوّن السحب الركامية الممطرة، مما يزيد من احتمالات تشكل السيول المفاجئة خاصة في الأودية والشعاب الجبلية. ودعا المواطنين إلى اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، مشدداً على ضرورة عدم عبور مجاري السيول والابتعاد عن المناطق الجبلية المعرضة للانهيارات الصخرية والطينية.
على الصعيد الإقليمي، رفعت السلطات السودانية مستوى التحذير إلى "الإنذار البرتقالي" استعداداً لما وُصف بليلة "استثنائية"، حيث أطلقت الهيئة العامة للأرصاد الجوية ووزارة الري والموارد المائية تحذيرات غير مسبوقة من أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية تهدد بحدوث سيول جارفة. وذكرت هيئة الأرصاد السودانية أن سحباً كثيفة محملة بكميات كبيرة من المياه تتحرك بسرعة نحو عدة ولايات تشمل الخرطوم وغرب البحر الأحمر ونهر النيل والشمالية وكسلا والقضارف وشمال دارفور.
وحذر خبير الأرصاد السوداني عوض إبراهيم من أمطار طوفانية قد تكون "الأعنف في تاريخ السودان"، متوقعاً استمرارها لمدة أسبوعين ضمن فترة "منزلة الجبهة النداية". أما وزارة الري السودانية فقد رفعت منسوب التحذير إلى أعلى درجاته، مشيرة إلى أن البحر الأحمر مهددة بسيول عالية الخطورة خاصة في هيا ومحيطها، بينما يواجه سكان نهر النيل سيناريو مشابهاً مع توقعات باجتياح السيول عطبرة وبربر والبحيرة.
تشير النماذج الجوية العالمية إلى تشكل اضطراب جوي واسع النطاق فوق بحر العرب يتجه نحو الجزيرة العربية، مع تركز كبير للرطوبة فوق معظم المحافظات اليمنية قد يستمر خلال الأيام القادمة. وأشار إلى تسجيل أضرار فعلية في محافظة تعز خلال الساعات الماضية بسبب الأمطار الغزيرة.
نصح المركز اليمني سائقي المركبات على الطرقات الجبلية بتوخي الحذر الشديد من الانهيارات الصخرية والانزلاقات الطينية، إلى جانب انخفاض مدى الرؤية الأفقية بسبب تشكل السحب المنخفضة والضباب الكثيف. كما امتدت التحذيرات لتشمل مرتادي البحر والصيادين وربابنة السفن، حيث توقع المركز اضطراباً في البحر وارتفاعاً في الموج خاصة في خليج عدن وحول أرخبيل سقطرى والسواحل الجنوبية والشرقية.
وتعيد هذه التحذيرات المتزامنة في البلدين إلى الأذهان مشاهد كارثية شهدتها المنطقة في السنوات الماضية، حين تحولت السيول إلى أنهار جارفة اجتاحت القرى وابتلعت المنازل وتسببت في نزوح آلاف الأسر. ومع تراجع قدرات الدول المنهكة بالصراعات والأزمات الاقتصادية، تبدو أي موجة جديدة من الفيضانات تهديداً حقيقياً لحياة ملايين السكان، خاصة في ظل ضعف البنية التحتية ورداءة أنظمة التصريف وغياب الاستعدادات المسبقة الكافية.