في لحظة انتظرتها آلاف العائلات العسكرية بفارغ الصبر، أنهت وزارة الدفاع اليمنية معاناة استمرت أربعة أشهر مؤلمة، معلنة بدء صرف مرتبات شهر يوليو 2025 لمنتسبي المنطقة العسكرية الرابعة في عدن. الخبر الذي انتشر بسرعة البرق في الأوساط العسكرية، حمل معه نسائم الفرج بعد ليالٍ طوال من القلق والضائقة المالية. اليوم، تتنفس ست فئات عسكرية الصعداء أخيراً، في مشهد يشبه المطر الذي ينزل بعد جفاف طويل.
وسط أجواء من الترقب والفرحة المكتومة، بدأت عملية صرف المستحقات المالية لتشمل ست فئات حيوية، تتصدرها أسر الشهداء والجرحى عبر بنك الكريمي، تليها الدوائر المالية والقوات الجوية والكتائب الخاصة والمؤسسات الاقتصادية والدوائر الهندسية. أم أحمد، أرملة شهيد، لا تخفي دموع الفرح وهي تقول: "أخيراً سأتمكن من شراء الدواء لطفلي المريض، لقد كانت أطول أربعة أشهر في حياتي." الأرقام تحكي قصة معاناة صامتة، حيث تأثرت آلاف العائلات بهذا التأخير الذي امتد من يوليو حتى نوفمبر.
هذا التأخير في صرف الرواتب ليس وليد اليوم، بل جزء من أزمة مزمنة تعصف باليمن منذ اندلاع الحرب عام 2014. العقيد محمد علي، مدير المالية الذي عمل ليلاً ونهاراً لضمان وصول الرواتب، يؤكد أن "التحديات المالية والاقتصادية تتطلب جهوداً استثنائية لضمان حقوق منتسبينا." خبراء الاقتصاد العسكري يحذرون من أن استمرار هذه الأزمة قد يؤثر على معنويات القوات المسلحة، مشبهين الوضع بما حدث في العراق بعد 2003، عندما أدت أزمة الرواتب إلى تراجع في الانضباط العسكري.
على مستوى الشارع اليمني، يترجم صرف هذه المرتبات إلى حركة اقتصادية واضحة في أسواق عدن، حيث تتوقع المحال التجارية زيادة في المبيعات خلال الأيام القادمة. الجندي خالد، الذي عاش شهوراً بدون راتب، يصف مشاعره قائلاً: "كان الأمر أشبه بالعيش في نفق مظلم، واليوم أرى النور أخيراً." لكن الفرحة تختلط بالقلق، إذ يتساءل الكثيرون عما إذا كان هذا الصرف سيستمر بانتظام أم سيعود التأخير مجدداً. د. سالم الحضرمي، خبير الاقتصاد العسكري، يؤكد أن "انتظام صرف الرواتب العسكرية ضروري لاستقرار المؤسسة العسكرية والدولة ككل."
بينما تحتفل العائلات العسكرية بهذا الإنجاز المؤقت، تبقى التساؤلات مطروحة حول مستقبل صرف الرواتب والحلول الجذرية لهذه الأزمة المتكررة. النصيحة الذهبية لكل عسكري وعائلته: استثمروا هذه الفرصة بحكمة، وادخروا جزءاً للطوارئ المقبلة. السؤال الذي يؤرق الجميع اليوم: متى ستنتهي معاناة انتظار الرواتب نهائياً، وتصبح حقاً مضموناً وليس منة تأتي بعد شهور من العذاب؟