الرئيسية / محليات / "شهر النحس".. تعرف على الشهر الوحيد بين شهور السنة الهجرية الذي تتوقف فيه أعراس اليمنيين تماماً.. ولماذا؟
"شهر النحس".. تعرف على الشهر الوحيد بين شهور السنة الهجرية الذي تتوقف فيه أعراس اليمنيين تماماً.. ولماذا؟

"شهر النحس".. تعرف على الشهر الوحيد بين شهور السنة الهجرية الذي تتوقف فيه أعراس اليمنيين تماماً.. ولماذا؟

نشر: verified icon بلقيس العمودي 25 يوليو 2025 الساعة 09:30 مساءاً

مع دخول أول أيام شهر صفر 1447ه، الذي يصادف اليوم الجمعة 25 يوليو 2025م، يمكن للباحث أن يلاحظ أن التقويم الهجري يحمل في طياته الكثير من المعتقدات والعادات المتوارثة عبر الأجيال، 

وفي اليمن تحديداً تبرز ظاهرة اجتماعية لافتة حيث يمتنع العديد من اليمنيين عن إقامة حفلات الزفاف والأعراس خلال شهر صفر من كل عام. 

هذه الظاهرة المتجذرة في الوعي الجمعي اليمني ليست وليدة اليوم، بل تمتد جذورها إلى عصور غابرة، حيث تتداخل المعتقدات الشعبية مع الموروث الثقافي لتشكل نمطاً سلوكياً يصعب تغييره رغم تعارضه مع التوجيهات الدينية الصريحة.

جذور المعتقدات حول شهر صفر:

تمتد جذور التشاؤم من شهر صفر إلى العصر الجاهلي، حيث كان العرب قبل الإسلام يعتقدون أن هذا الشهر يجلب الحظ السيء والمصائب. 

ويشير العديد من المؤرخين إلى أن هذه المعتقدات ترسخت لدى العرب بسبب تزامن هذا الشهر مع تغيرات موسمية معينة، أو بسبب أحداث تاريخية مؤسفة وقعت فيه. 

وبالرغم من مرور قرون على ظهور الإسلام الذي جاء ليُبطل هذه المعتقدات، إلا أنها ظلت راسخة في الوعي الجمعي لبعض المجتمعات.

وتشير المصادر التاريخية إلى أن المعتقدات المرتبطة بشهر صفر توارثتها الأجيال في مناطق مختلفة من العالم العربي، خاصة في اليمن ذات التنوع الثقافي والجغرافي. 

فقد كونت هذه المعتقدات جزءاً من الموروث الثقافي المحلي، مما جعلها تقاوم التغيير وتستمر رغم تعارضها مع الحقائق الدينية. 

وكما أوضحت بعض المصادر، فإن هذا التشاؤم يتجلى بوضوح في امتناع العائلات اليمنية عن إقامة المناسبات السعيدة، وعلى رأسها حفلات الزفاف، خلال هذا الشهر.

موقف الإسلام من الزواج في شهر صفر:

أوضحت المؤسسات الدينية الرسمية موقف الإسلام الصريح من هذه المعتقدات، حيث أكدت دار الإفتاء المصرية أن الزواج في شهر صفر جائز شرعاً، ولا يوجد ما يمنعه في الشريعة الإسلامية. 

ويستند هذا الموقف إلى الحديث النبوي الشريف الذي رواه البخاري: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"، والذي يبطل بشكل قاطع التشاؤم من هذا الشهر، مؤكداً أن جميع الشهور والأيام هي من خلق الله تعالى، وأن نسبة النحس أو الشؤم إلى وقت معين يتعارض مع عقيدة التوحيد.

استمرار المعتقدات في اليمن:

بالرغم من الموقف الديني الواضح، ما زالت العديد من الأسر اليمنية تتمسك بتجنب إقامة الأعراس خلال شهر صفر، وتفضل تأجيلها إلى الشهور التي تليه. 

ويعود هذا الاستمرار في التمسك بالمعتقدات القديمة إلى عدة عوامل اجتماعية وثقافية، أبرزها قوة التقاليد والعادات التي تشكل جزءاً أساسياً من الهوية المجتمعية، خاصة في المناطق الريفية التي تتميز بقوة الروابط الاجتماعية والتمسك بالموروث.

وفي ظل هذا الواقع، تبرز ظاهرة مثيرة للاهتمام حيث تشهد صالات الأفراح وقاعات المناسبات في اليمن تراجعاً ملحوظاً في الحجوزات خلال شهر صفر مقارنة بالشهور الأخرى. 

ويلاحظ المراقبون للشأن الاجتماعي اليمني أن هذه الظاهرة تتجاوز المستوى التعليمي والطبقي، حيث يمكن رصدها في مختلف شرائح المجتمع، مما يعكس مدى تجذر هذه المعتقدات في الوعي الجمعي. 

كما أن تأثير الأجيال السابقة والخوف من "كلام الناس" يلعبان دوراً مهماً في استمرار هذه الممارسات، حتى لدى من لا يؤمنون شخصياً بهذه المعتقدات.

تعكس ظاهرة تجنب الأعراس في شهر صفر في اليمن التداخل المعقد بين المعتقدات الشعبية والتوجيهات الدينية، وقوة تأثير الموروث الثقافي على السلوكيات الاجتماعية. 

ورغم أن الإسلام يرفض ربط الأحداث بالشهور ويبطل فكرة التشاؤم، إلا أن هذه المعتقدات تستمر في التأثير على حياة الناس وخياراتهم الاجتماعية، مما يبرز الصراع الخفي بين التقاليد والمعتقدات السائدة من جانب، والتعاليم الدينية الصحيحة من جانب آخر. 

ولعل مرور الزمن وانتشار الوعي الديني والثقافي سيسهم تدريجياً في تغيير هذه النظرة، ليصبح شهر صفر كغيره من شهور السنة القمرية، محملاً بالأمل والفرح مثل باقي الشهور.

اخر تحديث: 26 يوليو 2025 الساعة 01:10 مساءاً
شارك الخبر