تُعتبر إثيوبيا واليمن من أكبر الدول المُنتجة للقات في العالم، لكنهما تتبعان نهجين مختلفين بشكل لافت في إدارته.
فبينما تتميز إثيوبيا بتحقيق عائدات مالية كبيرة من صادرات هذا النبات، تتفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن بانعكاساته السلبية على الاقتصاد والمجتمع.
فارق جوهري "صادم" لصالح اثيوبيا:
تمكنت إثيوبيا من تحويل زراعة القات إلى مكاسب اقتصادية معتبرة. حيث يُساهم تنظيم إنتاجه واستهلاكه في توليد إيرادات سنوية تقدّر بمليار دولار، وفقًا لتقارير اقتصادية.
وتبرز سياسة إثيوبيا في هذا الشأن من خلال فرض قيود على تعاطيه في الأماكن العامة، مما يضمن توجيه جزء كبير من المنتج نحو التصدير وشراء النقد الأجنبي المهم لدعم اقتصاد الدولة.
إضافة إلى ذلك، يُعزى النجاح الإثيوبي إلى قدرتها على تنظيم القطاع بطريقة تقلل من التأثيرات الاجتماعية السلبية وتضمن إيرادات مستقرة للمزارعين. ويُعدّ دعم المبادرات الزراعية والتجارة المنظمة عوامل رئيسية في نموذجها الاقتصادي القائم على القات.
تحديات زراعة واستهلاك القات في اليمن:
في اليمن، تتفاقم التحديات المتعلقة بزراعة واستهلاك القات بصورة مقلقة. إذ أن الاستهلاك الواسع دون ضوابط فاعلة يؤدي إلى استنزاف موارد ثمينة مثل المياه، فضلًا عن العملة الصعبة لاستيراد المبيدات والكيماويات.
ويمثل القات مصدر رزق لعدد كبير من اليمنيين، ولكنه في الوقت ذاته يساهم في تشكيل أعباء اقتصادية كبيرة تتفاقم في ظل وضع اقتصادي هش وعوامل اجتماعية معقدة.
ويرى الخبراء أن غياب برامج تقنين الاستهلاك الفعّالة يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى تأثيره البيئي والاجتماعي العميق الذي يتطلب حلولًا مستدامة للتخفيف من وطأته.
إمكانية تبني النموذج الإثيوبي في اليمن:
تشير مجموعة من الخبراء إلى أن اليمن يمكنه الاستفادة من التجربة الإثيوبية في تطوير تنظيم استهلاك وإنتاج القات.
ومن خلال فرض قوانين تحد من تعاطي القات في الأماكن العامة، بالتزامن مع تقديم بدائل ترفيهية كالمتنزهات، تستطيع اليمن أن تنفذ خطوات مشابهة لتحسين عائداتها من القات وتخفيف تأثيره السلبي.
كما أن تعزيز التعليم والتوعية حول الفوائد المحتملة لتنظيم القطاع من شأنه أن يحسن الموقف الاقتصادي والاجتماعي في اليمن، بتحويل القات من عبء إلى مورد، من خلال تبني السياسات الزراعية والاقتصادية المناسبة التي تحقق التوازن المطلوب.
تمثل التجربتان الإثيوبية واليمنية في إدارة ملف القات نماذج متباينة يمكن مقارنتها للاستخلاص منها.
وبينما تحقق إثيوبيا نجاحات اقتصادية مؤثرة، لا يزال اليمن عالقًا في مشكلات متعددة، ما يفتح الباب لاستكشاف حلول جديدة تُوازن بين العائدات الاقتصادية والتخفيف من الأضرار الاجتماعية والبيئية، لتُحقق استفادة شاملة ومستدامة من هذا القطاع الاقتصادي الحيوي.