تشهد صنعاء ظاهرة اقتصادية لافتة في الأشهر الأخيرة، حيث انخفضت أسعار العقارات والأراضي بشكل دراماتيكي وصل إلى أكثر من 50% في بعض المناطق.
ويأتي هذا الانهيار غير المسبوق وسط تطورات إقليمية متسارعة، أبرزها قرارات سعودية جديدة تتيح لغير السعوديين تملك العقارات في المملكة، مما أدى إلى تحول في وجهة الاستثمارات اليمنية نحو أسواق أكثر استقرارًا.
التغيرات في سوق العقارات بصنعاء:
يعاني سوق العقارات في صنعاء من انكماش غير مسبوق، وفقًا لمختصين في المجال العقاري.
وتشير البيانات المتداولة إلى أن سعر اللبنة (44.44 متر مربع) انخفض في بعض مناطق العاصمة إلى 1.2 مليون ريال يمني، بعدما كان يتجاوز 15 مليون ريال في السنوات الماضية.
هذا التراجع الحاد يأتي في ظل غياب المشترين وزيادة المعروض، مما خلق سوقًا يسيطر عليه البائعون الراغبون في تصفية ممتلكاتهم.
ويرتبط هذا الانهيار بعدة عوامل داخلية، أبرزها تعقيدات إدارية فرضتها سلطات الحوثيين على عمليات البيع والشراء، بما في ذلك إجراءات تسجيل العقارات وفرض ضرائب إضافية.
وأضاف خبراء اقتصاديون أن ارتفاع الأسعار في السنوات السابقة كان مصطنعًا في جزء كبير منه، حيث استُخدمت العقارات كوسيلة لغسيل الأموال من قبل بعض القيادات، وهو ما جعل الأسعار ترتفع بشكل غير منطقي قبل أن تنهار إلى مستوياتها الحالية.
تأثير القرارات السعودية على السوق اليمني:
يبدو أن قرار المملكة العربية السعودية بالسماح لغير السعوديين بتملك العقارات داخل أراضيها قد ألقى بظلاله على السوق اليمني.
وتحدثت مصادر عقارية عن تحول ملحوظ في توجهات المستثمرين اليمنيين الذين بدأوا ينظرون إلى السوق السعودي كملاذ آمن لاستثماراتهم، بعيدًا عن الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تشهدها صنعاء.
ويضيف محللون اقتصاديون أن البيئة الاستثمارية المستقرة في المملكة تمثل عامل جذب قوي للمستثمرين اليمنيين، خاصة المغتربين منهم.
ونتيجة لذلك، تشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين حركة بيع واسعة للعقارات، مما زاد من انخفاض الأسعار.
وتفيد التقارير بأن العديد من اليمنيين يفضلون الآن تحويل استثماراتهم إلى الخارج، ليس فقط إلى السعودية، بل أيضًا إلى دول أخرى كتركيا، بحثًا عن الاستقرار الاقتصادي والأمني.
نصائح وتوصيات خبراء العقارات:
في ضوء هذه التطورات، قدم خبراء العقارات مجموعة من النصائح للمواطنين والمستثمرين. حيث ينصح الخبراء المستثمرين بالتريث وعدم الاندفاع للاستثمار في السوق العقاري بصنعاء حاليًا، نظرًا لعدم استقرار الأسعار والإجراءات المعقدة التي تفرضها السلطات المحلية.
أما بالنسبة للمواطنين الراغبين في الشراء للسكن، فتشير التوصيات إلى إمكانية استغلال انخفاض الأسعار الحالي، مع ضرورة التأكد من سلامة الوثائق وتجنب المناطق التي تشهد نزاعات أو مشاكل قانونية.
وفيما يخص المغتربين، يشدد الخبراء على أهمية دراسة السوق بعناية والاستعانة بمختصين محليين قبل اتخاذ أي قرار استثماري داخل اليمن في الظروف الراهنة.
يمر سوق العقارات في صنعاء بمرحلة تحول كبيرة تعكس التداخل بين العوامل الداخلية والتأثيرات الإقليمية.
ورغم أن انخفاض الأسعار قد يبدو فرصة للبعض، إلا أن المؤشرات تشير إلى استمرار هذا الانخفاض في المدى المنظور، خاصة مع استمرار جاذبية الأسواق الخارجية والظروف الاقتصادية الصعبة داخل اليمن.
وتبقى القرارات السعودية والتطورات الإقليمية عوامل رئيسية ستحدد مستقبل سوق العقارات اليمني في المرحلة القادمة.