في تطور صادم يكشف عمق الأزمة الاقتصادية اليمنية، سجلت أسعار الذهب فجوة سعرية مرعبة وصلت إلى 198% بين صنعاء وعدن، حيث يكلف جنيه الذهب الواحد في عدن مليوناً ونصف ريال مقابل 506 آلاف فقط في صنعاء. هذا الفارق المجنون يعني أن اليمني في عدن يدفع ثمن 3 جنيهات ذهب مقابل جنيه واحد! كل دقيقة تأخير في اتخاذ القرار قد تعني خسارة آلاف الريالات مع تسارع التضخم الجنوني.
في تفاصيل صادمة تكشف حجم المأساة، وصل سعر الجرام الواحد عيار 21 في عدن إلى 188 ألفاً و700 ريال للشراء، بينما لا يتجاوز 63 ألف ريال في صنعاء - فارق يصل إلى 213%. أم محمد، ربة منزل من عدن، تروي معاناتها: "حلمي في شراء جنيه ذهب لابنتها أصبح كابوساً مالياً، فالمبلغ المطلوب يساوي راتب زوجي لسنة كاملة." في المقابل، يشهد التاجر أحمد العدني على الفرص الذهبية: "استطعت تحقيق أرباح خيالية من خلال التجارة بين المدينتين، لكن المخاطر الأمنية تجعل كل صفقة مغامرة بالحياة."
الأوضاع الاقتصادية المتباينة بين شمال وجنوب اليمن خلقت واقعين مختلفين تماماً في بلد واحد، تماماً كما انقسمت ألمانيا شرقاً وغرباً اقتصادياً. الانقسام السياسي وتباين السياسات النقدية أدى إلى ظهور عملتين مختلفتين فعلياً، مع سيولة نقدية متباينة بشكل صارخ. د. عبدالله الاقتصادي، المحلل المالي اليمني، يحذر: "نحن أمام سيناريو مشابه لأزمة فايمار في ألمانيا، حيث يمكن أن نشهد انهياراً اقتصادياً كاملاً إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لتوحيد النظام النقدي."
التأثير المدمر على الحياة اليومية يتجاوز مجرد الأرقام، فقد أصبح الذهب - الملاذ الآمن التقليدي للعائلات اليمنية - حلماً بعيد المنال. سالم الصايغ من صنعاء يشهد يومياً على مأساة المواطنين: "أرى في عيونهم اليأس والإحباط، فحتى قطعة ذهب صغيرة للعروس أصبحت عبئاً مالياً ثقيلاً."
- تراجع حفلات الزواج بنسبة 60% بسبب غلاء المهور الذهبية
- لجوء العائلات لبيع مجوهرات الأمهات والجدات
- ظهور سوق سوداء للذهب المهرب بين المناطق
مع استمرار هذا التدهور المرعب، يقف اليمن على حافة انهيار اقتصادي شامل قد يجعل الوضع الحالي يبدو كنزهة مقارنة بما هو قادم. الخبراء يتوقعون مزيداً من التدهور في الأشهر المقبلة، مع إمكانية وصول الفارق السعرية إلى 300%. الوقت ينفد أمام المواطنين لاتخاذ قرارات حاسمة للحفاظ على ما تبقى من مدخراتهم. السؤال المصيري: هل سيشهد اليمن انهياراً اقتصادياً كاملاً يجعله مثالاً جديداً لفشل الدول، أم أن هناك بصيص أمل في توحيد اقتصادي ينقذ البلاد من الهاوية؟