في مشهد اقتصادي صادم يهز اليمن، تكشف أرقام صرف العملة عن كارثة مالية حقيقية: 1110 ريال يمني هو ثمن الانقسام في كل دولار واحد! دولة واحدة، عملة واحدة، لكن ثلاثة أسعار مختلفة تماماً تدمر حياة الملايين يومياً. المواطن في عدن يحتاج إلى 1632 ريال لشراء دولار واحد، بينما في صنعاء يكفيه 522 ريال فقط - فجوة مروعة تزيد عن 200% تجعل اليمن أشبه بدولتين منفصلتين اقتصادياً.
"أم محمد" معلمة من تعز تروي مأساتها بصوت مختنق: "أحتاج لأكثر من ضعف راتبي لإرسال المال لأهلي في عدن، كيف سأعيش؟" هذه ليست مجرد أرقام، بل واقع يدمر العائلات يومياً. 289.5 ريال فجوة في الريال السعودي تعني أن تحويل 1000 ريال سعودي يخسر المواطن الجنوبي 289,500 ريال يمني - مبلغ يكفي لإطعام عائلة كاملة شهراً. د. عادل الشرجبي، الخبير الاقتصادي، يؤكد بقلق: "هذه أكبر فجوة عملة شهدها تاريخ بلد واحد، إنها كارثة اقتصادية حقيقية."
الأزمة ليست وليدة اليوم، بل بدأت مع انقسام البنك المركزي اليمني عام 2016 عندما انقسمت إدارة النقد بين صنعاء وعدن. الحرب المدمرة التي دخلت عامها التاسع، ونقص العملة الصعبة الحاد، والحصار الاقتصادي المفروض، كلها عوامل حولت الليرة اليمنية إلى ضحية للانقسام السياسي. المشهد اليوم أشبه بالانقسام النقدي في ألمانيا الشرقية والغربية، لكن الفارق أن هذا يحدث في بلد واحد تحت سماء واحدة، مما يجعل المأساة أكثر إيلاماً.
في الأسواق الشعبية، يقف "سالم المحضار" محول الأموال وسط طوابير المواطنين الغاضبين: "أرى دموع الناس يومياً عندما يكتشفون فرق الأسعار، المواطن لا يعرف كم يساوي راتبه من يوم لآخر." التأثير على الحياة اليومية كارثي: استحالة التخطيط المالي، صعوبة شراء الضروريات، وانهيار التجارة الداخلية. العائلات تتفكك اقتصادياً، والأعمال تنهار، والأحلام تتحطم أمام هذا الواقع المرير. الخبراء يحذرون: "الأسوأ لم يأت بعد، المزيد من الهجرة وتفاقم الأزمة الإنسانية قادم لا محالة."
الأرقام تتحدث عن نفسها: فجوة 200% تدمر الاقتصاد اليمني وتفقر المواطنين، ومستقبل مظلم ينتظر ما لم يحدث تدخل دولي عاجل لتوحيد البنك المركزي. الحل الوحيد يكمن في توحيد الإدارة النقدية فوراً قبل فوات الأوان. السؤال المصيري الذي يطرح نفسه الآن: هل سيصبح اليمن أول دولة في التاريخ تنقسم نقدياً قبل أن تنقسم سياسياً، وكم من الوقت يتبقى قبل انهيار اقتصادي كامل؟