في تطور صادم هز الأوساط الاقتصادية العربية والدولية، وصف رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي قرار صندوق النقد الدولي تعليق جميع أنشطته في اليمن بأنه "جرس إنذار" اقتصادي قد يدفع بـ 24 مليون يمني نحو كارثة اقتصادية لم تشهدها المنطقة من قبل. في اجتماع طارئ عُقد مع محافظ البنك المركزي أحمد غالب، بدت ملامح القلق واضحة على وجوه المسؤولين وهم يناقشون تداعيات قرار يمكن أن يحول اليمن إلى أفقر دولة في العالم خلال أسابيع.
تكشف التفاصيل المسربة من الاجتماع الطارئ عن حالة من الذعر تسيطر على دوائر صنع القرار الاقتصادي في اليمن، حيث أشار العليمي إلى أن تعليق 100% من برامج صندوق النقد الدولي يعني فقدان شريان الحياة الاقتصادي الأخير للبلاد. "فاطمة أحمد، ربة منزل من صنعاء، تحكي بمرارة كيف تشاهد راتب زوجها الموظف يتبخر يومياً مع كل انخفاض جديد في قيمة الريال اليمني"، بينما يؤكد د. محمد الرباعي، الخبير الاقتصادي اليمني: "هذا القرار نقطة تحول خطيرة قد تؤدي لانهيار اقتصادي كامل لم تشهده المنطقة منذ عقود".
وراء هذا القرار المدمر تكمن قصة عقد كامل من الحرب والصراع، حيث تراكمت عوامل عدم الاستقرار السياسي والأمني خاصة في محافظتي حضرموت والمهرة، لتصل لنقطة اللاعودة. مقارنة بأزمة لبنان المصرفية في 2019 أو انهيار الليرة التركية، فإن الوضع اليمني يبدو أكثر تعقيداً وخطورة. خالد المهري، تاجر من المهرة، يروي بألم: "القوات الخارجية الوافدة تعطل حركة التجارة منذ شهور، والآن نواجه كارثة اقتصادية حقيقية". الخبراء الدوليون يحذرون من أن انسحاب صندوق النقد قد يشكل سابقة خطيرة تدفع مؤسسات مالية أخرى للانسحاب أيضاً.
من شراء رغيف الخبز إلى دفع أجرة النقل، سيشعر كل يمني بتأثير هذا القرار الكارثي خلال الأيام القادمة. عبدالله الحضرمي، رجل أعمال محلي، يصارع للحفاظ على مصنعه الصغير ويقول: "نحن نواجه موجة إفلاس حقيقية، والوضع ينذر بإغلاق آلاف الشركات والمصانع". النتائج المتوقعة تشمل ارتفاعاً جنونياً في الأسعار قد يصل إلى 200%، ونقصاً حاداً في الوقود والسلع الأساسية، وموجة هجرة جماعية للكفاءات نحو دول الخليج. لكن وسط هذا الظلام، يبقى هناك بصيص أمل إذا تحرك تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لضمان انسحاب القوات الوافدة وإعادة الاستقرار للمحافظتين المتأثرتين.
في النهاية، يقف اليمن اليوم أمام مفترق طرق حاسم، فقرار صندوق النقد الدولي ليس مجرد إجراء إداري، بل رسالة واضحة للعالم بأن الاستقرار السياسي شرط لا غنى عنه لأي تعافي اقتصادي. مع تأكيد العليمي أن "استعادة مؤسسات الدولة وبناء اقتصاد قادر على خدمة المواطنين" يبقى الأولوية القصوى، يبقى السؤال المصيري: هل سيتمكن اليمن من تجاوز هذا الاختبار الصعب واستعادة ثقة المجتمع الدولي، أم أن البلاد تتجه نحو انهيار اقتصادي كامل لا رجعة فيه؟