في تطور مفاجئ أنهى معاناة استمرت شهوراً، أعلنت القوات المسلحة والأمن الجنوبي صرف 3 أشهر مرتبات متأخرة لآلاف العسكريين دفعة واحدة، في خطوة وُصفت بأنها "أكبر عملية إنقاذ مالي" للمؤسسة العسكرية منذ بداية الأزمة. العسكريون أمامهم 48 ساعة فقط لاستلام مستحقاتهم عبر بنك البسيري ووكلائه، والسؤال الآن: هل وصلتك رسالة البنك؟
أحمد الجنوبي، مقاتل في الدفعة الثالثة، لم يستطع إخفاء دموع الفرح عندما وصلته رسالة البنك صباح اليوم: "لم أستلم راتبي منذ يونيو، وأطفالي الأربعة كانوا ينتظرون معي كل يوم". الإعلان الرسمي كشف عن صرف مرتبات سبتمبر للشهداء والجرحى المعاقين والدفعتين الأولى والثانية، بينما حصلت الدفعتان الثالثة والرابعة على ثلاثة أشهر كاملة (يوليو-أغسطس-سبتمبر) - مبلغ يوازي ميزانية مدينة صغيرة لثلاثة أشهر.
وراء هذا القرار المفاجئ تقبع أزمة مالية عميقة ضربت المؤسسة العسكرية كموجات تسونامي من الضغط المالي، حيث تراكمت المرتبات لشهور بسبب نقص السيولة وتراجع الإيرادات الحكومية. د. محمد الاقتصادي، خبير الشؤون المالية، يعلق: "هذا الصرف خطوة إيجابية لكن لا يحل الأزمة الجذرية التي تشبه انتظار المطر في الصحراء - كلما طال التأخير زاد اليأس". الوضع يذكرنا برواتب الجيش العراقي قبل سقوط النظام، عندما تأخرت المرتبات لشهور مماثلة.
في شوارع المحافظات الجنوبية، بدأت طوابير العسكريين تتشكل أمام فروع بنك البسيري، بينما أرملة الشهيد علي تنتظر أخيراً صرف معاش زوجها الذي سقط في المعارك منذ شهور. سالم المحاسب، موظف في البنك، يشهد يومياً على أصوات الترقب والانتظار: "الوجوه المرهقة تحولت اليوم لابتسامات عريضة مع رنين إشعارات البنوك الإلكترونية". التحسن الفوري في القدرة الشرائية للأسر العسكرية سيعزز النشاط التجاري المحلي ويرفع الروح المعنوية للقوات، لكن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد حلول مستدامة.
رغم الفرحة الغامرة اليوم، تبقى علامات الاستفهام معلقة حول مستقبل هذه الحلول المالية. خبراء يحذرون من ضرورة إيجاد مصادر تمويل ثابتة لمنع عودة كابوس المرتبات المتأخرة، بينما تتطلع أسر الشهداء والجرحى لاستمرار هذا الاهتمام بتضحياتهم. السؤال الحاسم الآن: هل ستستمر هذه الحلول أم أنها مجرد مسكنات مؤقتة لأزمة أعمق تحتاج لمعالجة جذرية؟