في تطور صادم هز الأوساط الاقتصادية، عادت السوق السوداء للصرافة في عدن إلى نقطة الصفر خلال أسبوع واحد فقط، بعد أن نجحت الإجراءات الرقابية في إيقافها لشهور طويلة. الأمر الأكثر إثارة للقلق أن منطقتين رئيسيتين تحولتا لمراكز صرافة غير قانونية في فترات المساء، ما يضع اقتصاد المدينة أمام اختبار حاسم قد يحدد مصيره.
في شوارع المنصورة والشيخ عثمان الفرعية، عادت أصوات عد الأوراق النقدية وهمس المتعاملين في السوق السوداء لتملأ أجواء المساء مجدداً. "السوق السوداء عادت كأن شيئاً لم يكن"، يقول سالم النجار، أحد سكان الشيخ عثمان الذي شاهد عودة الصرّافين للشارع. أم أحمد، ربة منزل في المنصورة، تحكي قلقها: "أحتاج لتحويل أموال ابني المغترب، لكنني أخاف من أسعار السوق السوداء التي تتلاعب بلقمة عيشنا."
الخلفية وراء هذه العودة المفاجئة تكشف عن تراجع خطير في الرقابة الميدانية التي كانت السبب في النجاح المؤقت لضبط السوق. د. علي الاقتصادي، المتخصص في الأسواق المالية، يحذر قائلاً: "عودة السوق السوداء إنذار خطر، فما حدث مثل عودة الأعشاب الضارة للحديقة بعد إهمال الصيانة." التجربة السابقة تؤكد أن عدن عانت من فوضى مدمرة في قطاع الصرافة، واستغرق الأمر جهوداً مضنية لإعادة الانضباط.
التأثير على الحياة اليومية بدأ يظهر بوضوح، حيث سجلت فروق واضحة في أسعار الصرف بين السوق الرسمية والسوداء خلال يومي الثلاثاء والأربعاء فقط. محمد العدني، التاجر الصغير الذي استطاع تجنب خسائر كبيرة بمراقبة السوق عن كثب، يؤكد: "كل يوم تأخير يعني مزيداً من الفوضى الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع المستوردة." المشهد في الشوارع الفرعية يحكي قصة مختلفة: أضواء خافتة، تجمعات صغيرة حول الصرّافين، ونظرات قلقة تعكس خوف المتعاملين من الرقابة.
تقف السلطات اليوم أمام اختبار جديد لضبط السوق ومنع تفاقم الأزمة الاقتصادية، في ظل تحذيرات الخبراء من انتشار النشاط لكامل المدينة إذا لم يتم التدخل السريع. السؤال المحوري الذي يؤرق سكان عدن: هل ستعود المدينة إلى فوضى الصرافة مجدداً، أم ستنجح السلطات في إعادة السيطرة قبل فوات الأوان؟
