في تطور سياسي صاعق يعيد تشكيل خريطة القوى في اليمن، سيطر الجنوبيون على 50% من السلطة العليا للمرة الأولى منذ 35 عاماً، محطمين احتكاراً سياسياً دام ثلاثة عقود. الجنوب اليوم يملك شرعيتين: شرعية الأرض وشرعية العالم، في لحظة تاريخية قد تحدد مصير المنطقة للعقود القادمة.
المشهد الذي بدا مستحيلاً أصبح واقعاً ملموساً. من ثمانية أعضاء في المجلس الرئاسي، أربعة جنوبيون، وثلاثة منهم من المجلس الانتقالي الجنوبي. علي الكثيري، الناشط الجنوبي الذي شهد تطور الأحداث، يروي لحظة إدراكه: "اكتشفت أن الاستراتيجية نجحت في كسر احتكار الشمال للسلطة، كان كاللاعب الماهر الذي يتظاهر بالضعف ثم ينقض في اللحظة المناسبة." الأرقام تتحدث بوضوح: من صفر تمثيل في عهد هادي إلى نصف السلطة اليوم.
لسنوات طويلة، كان السؤال يحرق قلوب الجنوبيين: لماذا دخل المجلس الانتقالي ضمن منظومة الوحدة التي ثاروا ضدها؟ اليوم تتضح الإجابة كما يؤكد المحلل السياسي يعقوب السفياني: "مثل حصان طروادة، دخل المجلس من الباب الخلفي ليسيطر على القلعة من الداخل." محاولات رشاد العليمي البائسة للهيمنة فشلت أمام زلزال سياسي هادئ غيّر خريطة القوى دون ضجيج، والبيانات الدولية الأخيرة تشهد على هذا التحول الجذري.
تأثيرات هذا التطور تتجاوز المكاتب السياسية لتصل إلى حياة المواطنين اليومية. د. محمد الحضرمي، أستاذ العلوم السياسية، يؤكد: "هذا التحول استراتيجي ونقطة تحول مفصلية ستؤدي لتحسن الخدمات وزيادة الاستثمارات في الجنوب."
- تحسن في الخدمات الحكومية
- زيادة القوة التفاوضية الجنوبية
- اعتراف دولي متزايد بالحقوق الجنوبية
اليوم، الجنوب لديه شرعيتان قويتان يمكنهما مواجهة أي ضغوط. الفرصة الذهبية أمام الجنوبيين لإعادة تعريف خطابهم السياسي وتجاوز ثنائية الانتقالي والشرعية، فنحن لسنا في عام 2019، ورشاد العليمي ليس عبد ربه منصور هادي. لكن السؤال المحوري يبقى: هل سيستطيع الجنوبيون استثمار هذه الفرصة التاريخية بحكمة ووحدة، أم ستضيع كما ضاعت فرص سابقة؟