في تطور صادم يهز أسواق عدن، كشفت النشرة الرسمية الأخيرة عن تفاوت جنوني في أسعار الخضار والفواكه يصل إلى 53% في سعر الطماطم الواحدة خلال يوم واحد! ما تدفعه اليوم لشراء كيس خيار واحد بقيمة 26 ألف ريال يمكن أن يشتري لك 52 رغيف خبز، في مشهد يعكس واقعاً اقتصادياً صعباً يواجه الأسر اليمنية. الأرقام الرسمية تتحدث عن نفسها، والمستهلكون في حيرة من أمرهم أمام هذا التقلب اليومي المخيف.
تكشف التفاصيل المرعبة أن سلة الطماطم الواحدة بوزن 20 كيلوغراماً تتراوح أسعارها بين 15 ألفاً و23 ألف ريال، بفارق 8 آلاف ريال كامل! أم محمد، ربة بيت من كريتر تبلغ 42 عاماً، تروي مأساتها قائلة: "أصبحت أتردد كثيراً قبل شراء الخضار، السعر يختلف من تاجر لآخر والراتب لا يكفي أبداً." فيما وصل سعر الخيار إلى مستويات قياسية تتراوح بين 25-26 ألف ريال للكيس الواحد، وكأن الخضار أصبحت سلعة كمالية وليست ضرورية للحياة.
الأرقام الرسمية الصادرة عن إدارة التسويق في مكتب الزراعة تكشف قصة أعمق من مجرد ارتفاع أسعار. فبينما تتراوح أسعار البصل الأحمر بين 13-15 ألف ريال للشوالة، نجد أن يوسفي صعدة يباع بـ 35-45 ألف ريال مقابل 15-20 ألفاً للبرتقال البلدي، في تفاوت يشبه الفرق بين تذكرة الدرجة الأولى والاقتصادية في نفس الطائرة. د. عبدالله الحكيمي، الخبير الاقتصادي الزراعي، يؤكد أن "هذا التفاوت السعري يعكس عدم استقرار حقيقي في سلاسل التوريد."
التأثير المدمر لهذه الأرقام لا يقتصر على الأرقام الجافة، بل يمتد ليعيد تشكيل الحياة اليومية للأسر اليمنية بشكل كامل. ربات البيوت يجدن أنفسهن مجبرات على إعادة ترتيب أولويات الإنفاق وتغيير عادات الطبخ التي اعتدن عليها منذ سنوات. محمود المزارع من لحج يكشف جانباً آخر من المأساة قائلاً: "نبيع محصولنا بسعر معقول لكن يصل للمستهلك مضاعفاً بسبب الوسطاء." فيما يحاول أحمد السوقي، تاجر الخضار البالغ 38 عاماً، كسر هذه الحلقة المفرغة من خلال التعامل المباشر مع المزارعين، مما مكنه من زيادة أرباحه 40% وتقديم أسعار أفضل للمستهلكين.
رغم الجهود الحكومية لتعزيز الشفافية من خلال النشرات اليومية، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة في الهواء. هل ستشهد الأسابيع القادمة استقراراً في أسعار الخضار والفواكه، أم أن المواطن اليمني محكوم عليه بالتأقلم مع هذه التقلبات اليومية المجنونة؟ الحل يبدأ من وعي المستهلك بضرورة مقارنة الأسعار والشراء الذكي، لكن السؤال الأهم: إلى متى سيصمد المواطن أمام هذا الجنون السعري اليومي؟