في مشهد نادر يعيد الأمل إلى قلوب موظفي القطاع النفطي، حوّل باص واحد بـ 22 مقعداً حياة مئات الموظفين في منشأة البريقة النفطية خلال ساعات قليلة. هدية بقيمة 50 ألف دولار من مدير لا يكتفي بالوعود، بل يحولها إلى واقع ملموس يلمسه العاملون في حياتهم اليومية. في عصر تراجع الاهتمام بالموظفين، تأتي هذه المبادرة لتعيد رسم خريطة العلاقة بين الإدارة والعاملين.
صباح الأربعاء 19 نوفمبر، دخل الدكتور صالح عمرو الجريري منشأة البريقة حاملاً معه أكثر من مجرد زيارة تفقدية اعتيادية. "هذه اللفتة تلبي أحد أهم احتياجاتنا اليومية"، هكذا علق أحمد المحضار، موظف قسم الصيانة الذي كان يعاني يومياً من صعوبة الوصول للعمل. المنشأة التي اهتزت بأصوات التصفيق عندما وصل الباص الأبيض اللامع، شهدت لحظات من الفرح الخالص على وجوه الموظفين الذين لم يصدقوا أن حلم النقل المريح أصبح حقيقة.
المبادرة لم تأت من فراغ، بل جاءت كاستجابة لمعاناة حقيقية عاشها موظفو المنشآت النفطية لسنوات طويلة. عمر بجلة، مدير المنشأة ذو الخبرة العشرين عاماً، يؤكد أن هذا التوجه الجديد للقيادة نحو الاهتمام بالعنصر البشري يذكره بالعهود الذهبية للاقتصاد اليمني. كطبيب يزور مريضه ويقدم له الدواء المناسب، جاءت هذه الزيارة لتشخص المشاكل وتقدم الحلول الفورية.
التأثير تجاوز مجرد توفير وسيلة نقل، ليصل إلى تغيير جذري في الحالة المعنوية للعاملين. فاطمة الصبري، الموظفة الإدارية التي شهدت لحظة استلام الباص، تصف المشهد: "كان يمكن أن نسمع رائحة النفط تختلط بعبق الفرح". الباص الذي يتسع لـ 22 راكباً يعني نقل ربع موظفي قسم كامل في رحلة واحدة، موفراً ساعات من الانتظار ومبالغ النقل اليومية. الخبراء يتوقعون زيادة ملحوظة في الإنتاجية مع تحسن ظروف التنقل، بينما تترقب المنشآت الأخرى مبادرات مماثلة.
معادلة النجاح الإداري بسيطة: زيارة مدروسة + حل عملي + موظفون سعداء = بيئة عمل مثالية. هذه المبادرة قد تكون بداية عهد جديد من الاهتمام بالموارد البشرية في القطاع النفطي، لكن السؤال المطروح الآن: متى سنرى مبادرات مماثلة في بقية المنشآت النفطية؟ وهل ستتحول هذه اللفتة من استثناء إلى قاعدة؟