الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٥ مساءً

عجيبة الثورات يا اخوانا

د. ثري إبراهيم جابر
الثلاثاء ، ٢٦ فبراير ٢٠١٣ الساعة ١١:٥٤ صباحاً


كثيرا ما سمعنا أن عجائب الدنيا سبع، إلا أن الناظر إلى هذه العجائب لن يجد منها إلا الأهرام في جمهورية مصر العربية، وليحافظ أهل الثقافة على رقم سبعة يتم كل فترة ادراج عجيبة للعجائب السبع، حتى تعددت وكثرت العجائب وفاقت الرقم سبعة، ومن هذا نرى أن العجائب تتطور وتنمو حالها كحال كل شيء في كوكبنا، وأنا بدوري سأضيف هنا عجيبة ألا وهي الثورات العربية، اعتبرها عجيبة لأنها ظاهرة غير متوقعة في بيئة بعيدة تماما عن ثقافة الثورات والاشباع الفكري والتنويري والثقافي الذي يحمل المواطن إلى نهج طريق ثوري يحقق من خلاله مطالبه العادلة.
فالثورة يا اخوانا حتى يكتب لها النجاح لابد أن تتبنى مطالب حقيقية ومشروعة وواضحة ما يكسبها زخمها الشعبي ويخلق حالة من الالتفاف المجتمعي حولها ليمثل لها دافعا ومحركا يقودها نحو تحقيق تلك الأهداف والمطالب المشروعة.
يجب أن تسير هذه الثورة في بيئة سلمية بعيدة عن التخريب والتدمير بعيدة عن إضعاف مقدرات الأمة بعيدة عن الأجندة الخارجية والمصالح الأجنبية التي لن تكون في أغلبها لصالح بلد الثورة.
الثورة يا إخوانا لا يمكن أن نعتبرها قد حققت أهدافها بمجرد اسقاط النظام الحاكم ورموزه، لا، بل يجب أن تحافظ على شروط نجاحها وتتمسك بهذه الشروط منتبهة إلى كل من يحاول أن يتحرك تحت غطائها وفي ظلها لتحقيق مصالح خاصة له ولمن يحركه سواء من الداخل أو الخارج ممن يناهضون ويعارضون الثورة الشعبية التي فيها لن تكون لهم مصالح.
فوجود شروط الثورة لا يعني نجاحها، بل تحتاج هذه الشروط إلى تفعيل، وتفعيلها يعتمد على الديمقراطية بمنظومتها المتكاملة، بوجود جهاز مؤسساتي كامل يلبي المطالب الشعبية التي ترفعها الثورة، فالنظام السابق الذي ثارت عليه الأمة أثبت فشله وأصبح هناك حاجة ضرورية إلى نظام جديد يتوفر بوجود اصلاح سياسي حقيقي، اصلاح سياسي ديمقراطي يخلق مؤسسات ديمقراطية قادرة على الانطلاق بمطالب الثورة الشعبية.
فكيف يا اخوانا يمكن أن نرى هذه المؤسسات ونحن كل فترة وأخرى نقف أمام دعوة من هذا أو ذاك حول الانسحاب من الترشح أو المشاركة في حكومة وحدة أو توافق أو مؤقتة...، وتأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أو مقاطعتها، وإلغاء الاستفتاء على الدستور أو تأجيل الاستفتاء عليه أو مقاطعة عملية الاستفتاء، ومقاطعة الحوار الوطني أو الانسحاب منه والتشكيك فيه....
فما كل هذه الدعوات والتحركات إلا هروباً من الاختبار الشعبي وما يريد أصحاب هذه الدعوات إلا مناصب وسلطات دون تفويض حقيقي ديمقراطي. فمن الواجب علينا يا اخوانا ألا نستمع لأفواه هؤلاء الأناس لأنهم لا يريدوا إلا مصالحهم الشخصية ومصالح من يحركهم ويأمرهم دون أي مصلحة حقيقية للشعب الثائر الذي يدفع فاتورة ثورته من دمه وماله وعرضه.
باحث سياسي