الخميس ، ٠٢ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٠٢ صباحاً

قلم Lernstift والرئيس

د. ثري إبراهيم جابر
الجمعة ، ٠٨ فبراير ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
ابتكرت شركة ناشئة نمساوية تُدعى "Lernstift" قلماً جديداً يحمل نفس اسم الشركة، من شأنه تنبيه الشخص بوجود أخطاء كتابية وإملائية ونحوية لإتاحة تصحيحها على الفور أثناء الكتابة. يحتوي هذا القلم على أجهزة استشعار تتابع حركة اليد، وتدفع القلم إلى الارتجاج عند ارتكاب أخطاء في الكتابة بحيث يهتز حال اكتشافه تلك الأخطاء ليتدارك الشخص أي خطأ أو سهو وقع فيه ويقوم بتصحيحها.

والهدف من هذا القلم هو التعليم، وليس التصحيح، فاستعماله يكمن في موضعين، الأول: يوضح الخطأ في كيفية كتابة الأحرف، بالإرتجاج مرة واحدة، والثاني: عند ارتكاب الأخطاء الإملائية، يهتز القلم مرة واحدة عند ارتكاب الخطأ، ثم يهتز مرتين للإشارة إلى موضع الخطأ، لكن لن يقوم القلم بإخبار المستخدم عن طبيعة الخطأ أو حتى العمل على تصحيحه.

ويُعد هذا القلم مُعلماً افتراضياً للتلاميذ ليتداركوا من خلاله أخطاءهم أثناء أداء واجباتهم الدراسية وأداة تعليمية فريدة وفعالة لتعليم الأطفال الكتابة بخط اليد بطريقة واضحة وسليمة ذات طابع تعليمي مرح.

وبالانتقال من الابتكار إلى السياسة والحياة، فإننا نشاهد مع أي انتخابات رئاسية في أي دولة بالعالم بظهور شخصيات تطرح نفسها لتكون الشخصية الرئاسية والتي ترغب في حكم البلاد وإدارتها لفترة زمنية محددة وفقاً لدستور كل دولة، وذلك باعتبار أنه الأفضل من بين كافة المرشحين للفوز بالمقعد الرئاسي، ونعلم أن من البديهيات أن البشر خطاؤون، ولا أحد معصوم من الخطأ، إلا أن الرؤساء ليسوا أفراداً عاديين، فالفرد العادي عندما يخطئ يكون خطأه على نفسه وعلى مستوى دائرته وعلاقاته، أما رئيس الدولة عندما يخطئ فإن أي خطأ منه تتحمله الدولة بأكملها، ومن هنا تكمن خطورة الخطأ، ولو نظرنا إلى دولنا العربية وخاصة بعد الثورات التي اجتاحت دولاً عدة منه، وما يحدث من مناكفات وسجالات بين الحكومة والمعارضة، وما يفعله الرئيس كذا والرئيس كذا، وما يوجه إليه من اتهامات وانتقادات، كلها تكون في غير صالح الوطن والمواطن.

يفرض كل ذلك علينا أن نفكر ونحن نقرأ حول ابتكار القلم Lernstift ، أن نسأل أنفسنا: هل رؤساؤنا بحاجة إلى جهاز يهتز ليشعرهم بأخطائهم قبل أن يشعر بها الآخرون وتنعكس آثارها على الوطن والأمة؟ أكيد هم أكثر حاجة إلى هذا الجهاز من أي شخص آخر، بالطبع الجهاز هنا ليس آلة، بل هو جهاز بشري يتمثل بالحكومة والمحيطين بالرئيس من مستشارين ليعلموه عن أي خطأ يرتكبه، وسرعة التراجع عنه، فإذا كان هدف قلم Lernstift التعليم، فإنني أطلب أن يكون هدف الجهاز المحيط بالرئيس هو التصحيح وليس فقط التعليم، لأن التعليم قد يأخذ وقتاً والوقت هنا ليس في صالح الوطن والمواطن، أما التصحيح فيكون فوري وذلك قبل أن تظهر آثار الخطأ المرتكب.

هدى الله ولاة أمر المسلمين