الثلاثاء ، ٣٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٥٩ صباحاً

انتخابات أمريكا ..رهان عربي خاسر!

علي نجيب العذري
الثلاثاء ، ١٠ نوفمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٣:٣٧ مساءً

بعد الإعلان عن فوز الديمقراطي " جو بايدن "  في الانتخابات الأمريكية على خصمه الجمهوري"  دونالد ترامب " كل منهم أستقبل هذا الخبر بطريقته الخاصة ، فلم يكن رفض الخبر وحده كافيًا لترامب وهو الذي كان يشكك في نزاهة الانتخابات وطبيعية سيرها وكان ذلك شغله الشاغل منذ بداية الانتخابات ، وبعد استقبال خبر خسارته فقد توجه ترامب وفقًا لـ CNN بالعربية  إلى ولاية فيرجينيا القريبة من العاصمة واشنطن لممارسة هوايته المفضلة وهي رياضة الجولف معبرًا بذلك عن رفضه الاعتراف بالهزيمة ، بالرغم من نصيحة أهله والمقربين منه بفعل ذلك ، وكان آخرهم زميله في الحزب الجمهوري  والرئيس الأمريكي الأسبق" جورج بوش ."

أما الرئيس المنتخب الجديد " جو بايدن " فقد توجه إلى كنيسة -سانت جوزيف - من ثم لزيارة قبر ابنه "بو بايدن " برفقة ابنته ، كتعبيرًا عن الامتنان وحسن الحظ الذي وجده بعد سنوات طويلة من الانتظار .

وهذا ما يطرحنا أمام تناقض عجيب سببه سلوك الجمهوري "ترامب" القريب من اليمين المتدين والديُمقراطي "بايدن "الذي يجد نفسه محاطاً بالكادحين وذوي البشرة السوداء وكل من يحمل فكرة الحرية وكسر القيود وتجاوز الحدود، من ضمنهم ما يقارب مليون مسلم أمريكي من اصولٍ مختلفة ، بالاضافة إلى دولٍ عربية كثيرة عاشت حالة ترقبًا كبير وهي تنتظر إعلان فوز بايدن بمنصب الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية .

-دراماتيكية الانتخابات.. وتساؤلات العرب ..

في الانتخابات الأكثر دراماتيكيةٍ وإثارة في تاريخ أمريكا ، باتت حقبة ترامب في مهب الريح ، كل ما كان متوقعا غاب ،وكل ما مكان مستحيل حضر ، فكيف وصل الديمُقراطي  بايدن الى منصب الرئيس وماهي اسباب خسارة الجمهوري ترامب وهو الرئيس الأكثر حصولاً على نسبة تصويت في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية كأولِ رئيس خاسر ؟ النسبة التي لم يستطع أي رئيس فاز في رئاسة أمريكا  الحصول عليها .

وهل صعود بايدن بإمكانه قلب موازين السياسة الاميركية داخلياً وخارجيًا كالمنطقة العربية -مثلاً- ، أم أن بايدن وغيرهِ من الرؤساء الذين مروا على أمريكا ، كلهم مجرد منفذين لسياسات تدار خلف الكواليس ، ولا يعلم عنها أحد .

آمال عربية ..

يتأمل العرب اليوم  من خلال صعود "بايدن" الى كرسي الحكم أن تتغير وتتحسن ممارسات أمريكا تجاههم ولو بشكلٍ جزئي ، وعلى النقيض تمامًا فمن المستحيل القول أن بايدن هو الرجل الذي سيلبي طموحات العرب المأمولة..

فقد كثرت مساُوى أمريكا في عهد ترامب وتضاعفت تبعاتها في دولٍ عدة، بعد ما  لعبَ أوباما والديمقراطيون دورًا تمهيديًا في إشعال الصراعات والحروب  في المنطقة العربية ،و بسبب سياستهم الغامضة فقد كانوا هم مصدر خطورةٍ كبيرة لم تتضح للجميع بشكلٍ واضح ، هذه الخطورة انكشفت علناً في عهد ترمب ، وحسب وصف الكثيرين من الخبراء ، الذين يرون أيضًا  في ترامب الوضوح في منطقهِ وأسلوبه "اللامنطقي" الذي لا يهدف إلا للربح واستخدام قضايا كثيرة في ابتزاز الكثير من الدول من أجل جلب المال .

وعلى ما يبدو فأن حملة استعطاف طبقة الكادحين وأقليات  أخرى كذوي الطبقة السمراء والمسلمين وبقية الأقليات الأمريكية فقد لعب ذلك  دورًا في نجاح بايدن ، لكن هذا لا يجعلنا نضع احتمال فشل ترامب بسبب سياسته المتعجرفة فقط .!

حملة بايدن أم شعبوية ترمب ؟ 

في إطار حملته الانتخابية : خاطب بايدن المسلمين الأمريكيين كما خاطب الشعب الأمريكي أجمع ، لكنه خصص حديثه هذه المرة للمسلمين بلغة مقبولة جدًا، جذبتهم نحوه بشكل كبير ، ظهر بايدن وهو يلقي حديثًا نبويا مضمنًا لحديثه ، فيما كان ترامب قبل الانتخابات وأثناءها يعارض المسلمين وغيرهم من الأقليات ويفرض عقوباتٍ  مختلفة عليهم . 

ومابين حالة الاختلاف والتناقض الكبيرة التي مارسها ترامب في سياسته الداخلية والخارجية وخاصة -الشرق الأوسط  والمنطقة العربية كان هدف ترامب الأساس من ورائها المصلحة العليا لأمريكا بعيدًا عن أي اهتمام لهذه الممارسات التي ألقت بتأثيراتها عليه في الانتخابات الحالية

بداية من تعامله الغير منطقي تجاه قضايا عدة في الشأن الداخلي الأمريكي الى تهوره وعدم مبالاته في علاقاته الدولية  وسياسته الخارجية ، وتكريس نفسه كرجل صفقات تعاقدية هدفها جلب المال فقط وإبقاء امريكاً كدولةٍ عظمى تتحكم بالعالم ، مقابل التغاضي عن ممارسات الكثيرمن الدول في الشرق الأوسط والمنطقة العربية ، كدور التحالف السعودي الإماراتي ،الذي لا تزال نواياه بعيدة عن حسم الحرب في اليمن وهو ما وعد بايدن بحله .

ترامب الذي أثبت مراتٍ عدة بانه لا يكترث لأي سلوكيات سيئة تجاه مجالات عدة كحقوق  الإنسان  وغيرها من الأمور التي لا تجلب المال او تقلل من كفاءة حكمه لأقوى دولةٍ في العالم ، وبسبب ذلك لعب ذوي البشرة السوداء ومسلمي أمريكا الذين يبلغ عددهم ما يقارب المليون شخص دوراً مهمًا في انهاء حكمه ، بسبب تصرفاته السيئة المتكررة تجاه هذه الفئتين التي تعد مكوناً أساسي من المجتمع الأمريكي .

استغلال الأخطاء ..

أثبت بايدن في  حملته الانتخابية التي ركزت على أخطاء ترامب أكثر من أي شيء آخر ، فقد ظهر الديمقراطيون وهم يلعبون على  وتر أخطاء الجمهوريون الذين ساءات ممارساتهم في عهد ترامب،  من خلال الوعود التي لم يكف التصريح عنها بايدن تجاه قضايا داخلية وإقليمية ودولية أهمها في نظر العالم  والعالم العربي بشكلٍ خاص  قضية مقتل- الكاتب الصحفي  جمال خاشقجي -والتي يرى بايدن بأن ترامب استغلها من أجل المال. 

ملفاتٍ كثيرة كالقضية الفلسطينية ، وإيران ودورها العبثي في دولٍ كسوريا والعراق ولبنان واليمن ، وموقف التحالف العربي في حرب اليمن ، وهذه كلها ملفات لم يحسن التصرف بشأنها ترمب ، بدايةً من دعمه للتوسع الاسرائيلي  على حساب الفلسطينيين ، وعجزه عن ردع إيران وإيقاف توسعها في المنطقة ، بالرغم من العقوبات التي فرضها عليها ، ونهايةً بعدم إلزام التحالف السعودي الإماراتي اعلى حسم ملف الحرب في اليمن ، وهو الذي لم يكف عن تصدير السلاح وبيعه للتحالف . 

منطق الديمقراطيون..

الديمقراطيون ووفقاً لتجارب سابقة ، كان آخرها في عهد" أوباما" وسياسته التي استهدفت مناطق كثيرة في المنطقة العربية أو بالتعامل مع المسلمين بعنف وإقصاء من منظورٍ أمني،  وبناء على ذلك لن نستطيع القول بأن "بايدن" بإمكانه عمل حل لكل الملفات العربية ، لذا بدى من الواضح أن حالة المساندة الأمريكية" لبايدن" في أمريكا والمنطقة العربية على حدٍ سواء  نابع من سوء سياسة ترامب وليس اعجابًا بحالة بايدن وتكوينه الديمقراطي وهو الذي لم يقدم شيء للأقليات والمسلمين عندما كان نائبًا للرئيس- في عهد أوباما- ، 

وهذا ما يدفعنا للتساؤل هل حملة بايدن ووعوده التي يتأمل العالم العربي بها  كحقوق الإنسان وإمكانية حل الصراعات في دول كثيرة وعدم مساندة الطغاة ستصبح مجرد شعاراتٍ استخدمها فقط  للوصول إلى البيت الأبيض ، والحصول على تأيدًا شعبي ودولي ، وستساهم فترة حكمه في تغير العالم إلى الأفضل .

أم أن انشغال ترامب بلعب الجولف رغم ممارساته السيئة ستكون أفضل من سياسة بايدن الجديدة والكرة في ملعبه الآن .،فكيف ستكون ضربته في المنطقة العربية ؟