أثارت التسريبات التي تتحدث عن اتفاق جديد بين حركة الحوثي والرئيس السابق علي عبد الله صالح، جدلاً واسعاً في الشارع اليمني، وبين أوساط السياسيين، الذين وصف بعضهم الاتفاق بأنه “انقلاب ناعم” على الحوثيين، فيما يرى البعض الآخر أنه “محاولة لإنقاذهم”.
وتقول التسريبات إن هناك “اتفاقاً بين حزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة علي عبد الله صالح، وجماعة الحوثيين، ينص على إلغاء ما يسمى الإعلان الدستوري وتشكيل حكومة مشتركة مع الأحزاب الموالية لهم، سيُعلن عنها خلال الساعات المقبلة”.
وتأتي هذه التسريبات عقب مرحلة من الخلافات المحتدمة بين الطرفين، أوشكت على إنهاء مرحلة الوئام بينهما، على الرغم من الحرب التي يخوضانها معاً ضد الحكومة الشرعية والجيش الوطني، ومن خلفهما قوات التحالف العربي المشترك.
وعزز عضو المجلس السياسي السابق لجماعة الحوثي، علي البخيتي، هذه التسريبات، عندما كتب على صفحته في فيس بوك، قبل بضع ساعات من تداول التسريبات، مخاطباً اليمنيين: “اعرفوا سلام من هذا الرأس؛ المهم لا تقولولي كيف ومنين؛ الصبر بس”.
وأطلقت التسريبات موجة من التكهنات والتوقعات لدى اليمنيين، خصوصاً أنه يطوي صفحة نفوذ الحوثيين، ويجبرهم على تسليم مقاليد الأمور لحليفهم المؤقت، صالح.
“إنقاذ للحوثيين”
وفي تعقيبه على هذه التوقعات، يرى رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات، نجيب غلاب، أن “هذه التسريبات، إن صحت، محاولة لإنقاذ الحوثي من الانهيار، وحماية لمؤسسات الدولة من السقوط، حيث لا يمكن أن تشكل سلطة في صنعاء بديلة للحوثيين، فلا يوجد أي طرف مستعد لتحمل عبء الخراب الحوثي”.
وأضاف غلاب، في تصريحه لشبكة إرم الإخبارية، أنه “ربما هناك انقلاب ناعم على حركة الحوثي بعد أن بلغ فشلها حد دخولها معضلة غير قابلة للحل إلا بانتحارها، والنتيجة خراب شامل لكل المصالح التي انجرفت وراء الانقلاب، وبالتالي فالخيار الأسلم هو ترحيل الحركة الحوثية من السيطرة والهيمنة، وإعادة صياغة سلطة تعيد الأمور إلى نصابها بما يمكن الأطراف من الوصول إلى حل إنقاذي وهذا الأمر لن يكون فاعلاً ما لم يكن هناك موافقة عربية”.
وثمّة من يعتقد أن الهدف من اتفاق الحوثي وصالح وإلغاء “الإعلان الدستوري”، هو إعادة البرلمان ليقبل استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، التي قدمها في كانون الثاني/ يناير الماضي، قبل أن يتراجع عنها لاحقاً، وليوافق البرلمان على حكومة قد تطلب تدخلاً من روسيا لإيجاد مبرر لتدخلها في مواجهة التحالف العربي.
لكن نجيب غلاب، يؤكد أن عودة البرلمان لقبول استقالة هادي “غير فاعلة، وغير ممكنة، ومتعارضة مع الدستور والمبادرة الخليجية، ومع طبيعة أهداف المعركة الحالية، ولا يمكنها إلا أن تكون معضلة أخرى، ولن يجرؤ تيار صالح على المقامرة وتحمل المشاكل كلها وإخراج حركة الحوثي منها بعد أن أغرقها في وحل الانقلاب”.
واعتبر أن “روسيا ليست غبية لتدخل في معركة اليمن، لأنها لن تربح أي شيء، وستخسر مصالح كثيرة، كما أن روسيا لن تحتمل الدخول في مغامرة أخرى بعد سوريا، لاسيما أن الرؤية الروسية في اليمن واضحة، ولا يمكن أن تساند الانقلاب، لكنها قد تلعب دوراً في إنقاذ بعض الأطراف من السقوط المريع”.
إيعاز خارجي
من جانبه، يعتقد عضو مؤتمر الحوار الوطني، زيد السلامي، أن الحوثيين وصالح “يريدون من خلال هذه الخطوة تجميل الانقلاب وإخراجه بطريقة مختلفة وكأنها ممثلة للدولة قبل الدخول في جولة مفاوضات جديدة، وهذا ربما جاء بإيعاز من دول خارجية داعمة للحوثي وصالح”.
وأضاف السلامي، في تصريحه لشبكة إرم الإخبارية، “لكن هذه الخطوة يترتب عليها خطوات أخرى مثل تشكيل حكومة، واختيار رئيس، وهذا لم تفلح فيه المليشيات الانقلابية، منذ حوالي عام، وهي تحاول القيام بهذه الخطوة لكنها لم تنجح، كونها ليس لديها أي مشروع سياسي، ولا تفكر بمنطق بناء الدولة، وإنما تفكر بمنطق العصابات وتكريس الفوضى”.
وتابع “لا يخفى على أحد أن صالح استخدم مليشيات الحوثي كمخالب وأدوات للقتل والانتقام من الشعب اليمني الذي رفضه وثار عليه، لذا لا يستبعد أن ينقلب على جماعة الحوثي ويدخل بمفاوضات بعيداً عنهم من أجل النفاذ بجلده وأمواله، خصوصاً بعد أن ضيقت قوات الجيش والمقاومة الخناق عليه في صنعاء”.
الحوثيون لن يتنازلوا
بدوره، يرى الصحافي صلاح سيف، أن “الحوثيين لن يقدموا تنازلات كبيرة، ولن يتخلوا عن مكاسبهم التي حققوها خلال الفترة التي أعقبت انقلابهم على الشرعية، المتمثلة بالإعلان الدستوري، وفرض سيطرتهم على أهم مؤسسات وأجهزة الدولة، وتعيين قياداتهم وأعضائهم في مفاصل الدولة المختلفة، فيما أن صالح هو أكثر المتضررين من تلك الإجراءات”.
وقال سيف لشبكة إرم الإخبارية إن “صالح فطن لهذا الأمر، وبات يبذل جهوداً كبيرة لإقناع الحوثيين بالموافقة على إلغاء الإعلان الدستوري ولجنتهم الثورية والشروع في تشكيل حكومة شراكة معهم، وقبول استقالة الرئيس هادي، وانتقال صلاحيته إلى رئيس مجلس النواب يحي الراعي القيادي في حزب المؤتمر”.
وأضاف أنه “بانتقال السلطة إلى رئيس مجلس النواب، يكون صالح قد ضمن استعادة نفوذه وهيمنة حزبه على السلطة من جديد على الرغم من عدول الرئيس هادي ورئيس الحكومة خالد محفوظ بحاح عن استقالتهما”.
وأشار إلى أن “الحوثيين يدركون النوايا الحقيقة لصالح، ومخاطر الاستجابة لها على مستقبلهم السياسي، الأمر الذي دفعهم إلى تهديده بالاعتقال في حال فكر المساس أو الاقتراب من اللجنة الثورية”.