شهدت محافظة أبين خلال الأشهر الماضية عدة عمليات نوعية نفذها تنظيم القاعدة ضد أهداف عسكرية وأمنية، بعد أن تم استعادة المحافظة من أيادي جماعة أنصار الشريعة بداية العام 2013م بعد حرب دامت عام كامل شنتها قوات الجيش على تنظيم القاعدة الذي كان قد أعلنها إمارة إسلامية وعاصمتها زنجبار.
والمعلوم أن تنظيم القاعدة كان قد تلقى ضربات موجعة خلال العامين الماضيين، حيث فقد عدد كبير من قياداته الميدانية، وكوادره، بالإضافة إلى إجبار عناصره على التقهقر والإنسحاب من مساحات واسعة من المناطق التي كان قد تمركز فيها أثناء الثورة الشعبية السلمية، بتواطؤ مفضوح من قبل عدد من القادة العسكريين المقربين من المخلوع آنذاك.
ونتيجة للضربات الموجعة التي سببتها هجمات الطائرات بدون طيار الأمريكية، وقتلت العشرات من قيادات وكوادر التنظيم، لجأ التنظيم إلى تبني إستراتيجية جديدة في الصراع تمثلت في تنفيذ الهجمات الانتحارية ضد المنشئات والمواقع العسكرية وتنفيذ عمليات اغتيال لقادة وضباط الجيش والأمن.
من العمليات النوعية التي نفذها تنظيم القاعدة الهجوم على اللواء 111 في منطقة أحور بأبين بتاريخ 18 أكتوبر الماضي، حيث هاجم عناصر التنظيم موقع اللواء، وقتلوا الجنود الموجودين في النقطة الواقعة أمام المعسكر، ثم توجهت سيارة مفخخة تحمل قرابة طن من المواد المتفجرة باتجاه المعسكر، وفعلاً تمكنت في الصباح الباكر من الوصول إلى قلب المعسكر حيث مبنى قيادة اللواء وبقية المرافق وعنابر الجنود، وقام الانتحاري بتفجير السيارة لتُحدث دماراً هائلاً بكامل مباني المعسكر وكل الأشياء الموجودة فيه.
وقد تضاربت الأنباء حينها حول عدد القتلى والجرحى، حيث ذكرت بعض الروايات أن التفجير خلف 12 قتيلا، و6 جرحى، ورواية أخرى قالت بأن القتلى بلغو 6 و15 جريح، وكان من بين الجرحى قائد اللواء 111 العميد محمد حسين البخيتي الذي لا يزال يتلقى العلاج في الأردن.
في سياق ذلك كشف مصدر خاص لـ"يمن برس" عن اعتقال ما يقرب من 45 من أفراد اللواء 111 بينهم 4 ضباط بعد شهر من العملية المذكورة بتهمة التواطؤ مع عناصر القاعدة، وتسهيل الدخول إلى اللواء وتنفيذ الهجوم الإنتحاري الذي استهدف اللواء في 18 أكتوبر الماضي.
وأكد المصدر بأنه يجري التحقيق مع هؤلاء الجنود والضباط، وأنه تم نقل عدد منهم إلى السجن الحربي بالعاصمة صنعاء بعد ثبات تورطهم في الهجوم.
وأكد بأن من بين المتورطين مسئول الدورية يوم الحادث، وثلاثة أفراد كانوا خدمات وأحد الضباط.
وأكد المصدر الخاص ليمن برس بأنه قبل الهجوم الإنتحاري بالسيارة كانت قد وصلت إلى المعسكر برقية من قيادة المنطقة العسكرية الرابعة تؤكد بأن هناك هجوم إرهابي بسيارة مفخخة من المتوقع أن ينفذه تنظيم القاعدة ضد اللواء 111 خلال تلك الفترة، وعلى الفور تم الإستعداد لمثل هذا الهجوم من قِبل اللواء، حيث تم تكليف عدد من أفراد اللواء بنصب كمين للسيارة المفخخة والمهاجمين، وقتلهم قبل وصولهم، إلا أنه – بحسب المصدر – تم قبل الهجوم بساعات سحب العناصر المكلفين بتنفيذ الكمين بعد استدعائهم من قبل عدد من الضباط المتعاونين مع القاعدة، الذين قاموا في نفس الليلة بتغيير الدورية وجنود الخدمات بآخرين متواطئين معهم.
وبعد الهجوم بالسيارة المفخخة، هاجم عناصر القاعدة نقطة تابعة للواء 111 في سوق أحور بعد صلاة الفجر، حيث أسفر الهجوم عن مقتل 4 جنود وخمسة جرحى بينهم ضابط النقطة.
وأوضح المصدر بأنه بعد الهجوم الأخير على نقطة سوق أحور تم إلقاء القبض على أحد أهم المتهمين بالتواطؤ مع القاعدة، وهو جندي يدعى ( س ج)، أثناء محاولته إلقاء قنابل غازية على جنود الخدمات المتمركزين في النقطة الواقعة أمام بوابة اللواء والتي يوجد فيها دبابة وتحصينات أخرى، حيث اعترف المذكور بأنه كان يهدف إلى إدخال الجنود الموجودين في النقطة في حالة إغماء لتسهيل اقتحام عناصر القاعدة للواء.
وأوضح المصدر بأن الجندي ( س ج ) قد أعترف بكامل الأفراد والضباط المتورطين معه في تسهيل تنفيذ القاعدة لهجمات إرهابية استهدفت اللواء 111، والذي قدرهم بـ45 فرد بينهم 4 ضباط يجري التحقيق معهم حتى الآن.
الجدير بالذكر أن اللواء 111 كان يتمركز شرق العاصمة صنعاء، حيث تم نقله إلى أبين كتعزيز لقوات الجيش أثناء الحرب التي شنها على القاعدة خلال العام 2012م.
وتبلغ قوة اللواء الافتراضية حوالي 3000 فرد، إلا أن المتواجدين في اللواء لا يتجاوزوا 600 فرد، نتيجة الفرار واستشهاد وإصابة عدد كبير منهم، إلى جانب وجود أعداد كبيرة من الجنود في منازلهم بموجب اتفاقات مع قيادة اللواء.
ويتمركز اللواء 111 في منطقة أحور بأبين، في منطقة مفتوحة، دون وجود أسوار الأمر الذي جعله فريسة سهلة للقاعدة التي تسعى باستمرار للسيطرة عليه، في حين يتمركز مقاتلو تنظيم القاعدة في جبال المحفد القريبة من اللواء، حيث يؤكد أهالي القرى المجاورة بأن لدى القاعدة معسكر تدريبي في هذه الجبال، وأن كل الهجمات التي تشنها القاعدة على اللواء تنطلق من هذه المنطقة التي يسهل على الطيران استهدافها.
الجدير بالذكر أن موقع صدى الملاحم التابع لتنظيم القاعدة كان قد نشر مقطع فيديو لحادثة استهداف اللواء 11 بالسيارة المفخخة منتصف أكتوبر، حيث ظهرت السيارة المفخخة من نوع صالون، تتقدمها سيارة شاص على متنها عدد من عناصر القاعدة حيث قاموا بإطلاق النار على جنود النقطة الواقعة أمام المعسكر، بعدها توجهت السيارة المفخخة إلى قلب اللواء لتحدث إنفجار ضخم كما هو موضح في الصورة.