الرئيسية / ثقافة وفن / بطيء.. بطيء أيها الموت!
بطيء.. بطيء أيها الموت!

بطيء.. بطيء أيها الموت!

04 نوفمبر 2006 02:27 صباحا (يمن برس)
لابد أن تكون هناك أسباب كثيرة لضيقك وأحيانا لثورتك لأي سبب تافه في مكان عملك أو في البيت.. وفي البيت أكثر! ومن بين هذه الأسباب أن الحياة في المدينة نوع من العذاب. فكل شيء ضيق. وكل شيء مزدحم.. الشارع والمواصلات.. الشارع نفسه عبارة عن غرفة طويلة مزدحمة يتقارب فيها الناس. ولو لاحظت كيف تسير على قدميك حتى مكان عملك، لوجدت أنك تمشي في طريق واحد لا تغيره.. وأنك في معظم الأحيان لا ترى معالم هذا الطريق. ولولا المطبات والبالوعة المكشوفة، لاستطعت أن تمشي في الشارع مغمض العينين.. فإذا ذهبت الى مكان عملك فأنت تعرف الطريق: باب وسلم وغرفة ومكتب الى جانب النافذة. والغرفة مليئة بالمقاعد والناس.. لا تستطيع ان تتخلص من المقاعد ولا من الناس.. كأنك تزوجتهم جميعا فأنت تلعنهم.. وهم بنفس القدر يلعنونك.. ولا بد أن هناك أسبابا تافهة جدا تجعلك تتشاجر معهم من حين إلى حين. والمواصلات نفسها أضيق من هذه الغرفة. ولولا أنه ليس عندك وقت للاستمتاع بالوجوه المتغيرة، لأحسست بأن الأتوبيس أرحم من زملائك في المكتب أو المصنع.. ولكن السرعة والضيق والحرص على أن تصل الى البيت ولو على قدم واحدة، كل هذا جعلك لا ترى هذه الوجوه.. ولا تشعر بأنها ممتعة لاختلافها عن زملائك في المكتب! فإذا حاولت ان تستريح من هذه الغرف المغلقة الأبواب والنوافذ، فإنك تذهب إلى مكان آخر مزدحم.. السينما والمسرح والمطعم والنادي! يضاف الى هذه الجدران الحجرية أو الحديدية جدران آخرى: القواعد واللوائح والقوانين والأصول. وما هو واجب، وما هو ممنوع بالنسبة لعملك.. لرئيسك المباشر ورئيس رئيسك.. فإذا عدت الى بيتك انضربت هذه المشاكل في ثلاثة أو أربعة على الأقل، ويصبح المجهود الذي تبذله في البيت، أضعاف الذي تبذله في العمل، لأنك مطالب في البيت أن تجد حلا لكل مشاكل العمل والراحة من العمل والراحة في البيت ومن البيت.. والراحة منك أيضا!! ثم ان الانتحار البطيء تعذيب لمن يتمنى لك الموت السريع!
شارك الخبر