في لحظة صادمة تهز الضمير الإنساني، كشف تقرير أممي حديث أن 22 مليون يمني - ما يعادل ثلثي الشعب بالكامل - عاجزون عن الحصول على وجبة واحدة كاملة يومياً. هذا الرقم المرعب يضع اليمن على بُعد خطوة واحدة من إعلان المجاعة رسمياً، في كارثة إنسانية لم يشهد العالم مثيلاً لها منذ عقود.
يروي علي محمد، موظف سابق من تعز يبلغ 45 عاماً، مأساته بصوت مكسور: "لم نعد نأكل إلا وجبة واحدة كل يومين، وأطفالي ينامون جوعى على أصوات معدتهم الفارغة". وفق التقرير الصادر عن برنامج الغذاء العالمي، فإن 61% من الأسر اليمنية واجهت صعوبات حادة في الحصول على الغذاء خلال نوفمبر الماضي، بواقع 63% في المناطق الحكومية مقابل 60% في مناطق الحوثيين. الأرقام تشير إلى أن 35% من الأسر تعيش حالة حرمان شديد من الغذاء - وهو ما يعادل المجاعة الفعلية.
تشبه هذه الكارثة مجاعة البنغال التاريخية عام 1943 التي قتلت 3 ملايين شخص، لكن الوضع في اليمن قد يكون أسوأ. تسع سنوات من الحرب المدمرة خلّفت بلداً محطماً، حيث دُمرت البنية التحتية الزراعية بالكامل وتوقفت خطوط الإمداد الحيوية. د. أحمد سالم، خبير الأمن الغذائي في منظمة الأغذية والزراعة، يحذر بقوة: "اليمن على بُعد خطوة واحدة من إعلان المجاعة رسمياً، والأسوأ لم يأت بعد". تعليق المساعدات الإنسانية لفترات طويلة وتراجع فرص كسب العيش حوّلا حياة ملايين اليمنيين إلى جحيم يومي.
فاطمة الزهراني، أم لخمسة أطفال من تعز تبلغ 32 عاماً، تواجه مشهداً مفجعاً كل صباح: "أبحث يومياً في القمامة عن بقايا طعام لإطعام أطفالي". النساء والنازحون داخلياً هم الأكثر تضرراً من هذه المأساة، حيث يضطر كل 3 أطفال من 5 للنوم جوعى. الأسر تبيع ممتلكاتها الأخيرة لشراء كسرة خبز، والأطفال يتركون المدارس للبحث عن أي عمل يوفر لهم الطعام. محافظات البيضاء والضالع وريمة والجوف وحجة تسجل أعلى معدلات الجوع، حيث تنتشر مشاهد الأطفال بأضلاع بارزة وعيون غائرة.
اليمن يقف اليوم على حافة هاوية سحيقة، والوقت ينفد بسرعة مرعبة لإنقاذ ملايين الأبرياء من موت محقق. بدون تدخل دولي عاجل، قد نشهد واحدة من أسوأ المجاعات في التاريخ الحديث - جيل كامل من الأطفال اليمنيين سيعاني من آثار سوء التغذية مدى الحياة. السؤال المؤلم الذي يطرح نفسه بقوة: كم من الأرواح البريئة سنفقد قبل أن يتحرك العالم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟