في لحظة انتظرتها آلاف العائلات منذ شهور، أعلنت الدائرة المالية والإدارية للقوات المسلحة والأمن الجنوبي اليوم عن قرار تاريخي يضع حداً لمعاناة طال أمدها. أكثر من 50,000 عائلة عسكرية كانت تعيش على وقع القلق والترقب، وأخيراً جاءت البشرى المنتظرة بصرف مرتبات ثلاثة أشهر كاملة دفعة واحدة للدفعتين الثالثة والرابعة، فيما بدأ صرف مرتبات سبتمبر لأسر الشهداء والجرحى المعاقين فوراً.
أم أحمد الجنوبي، أرملة شهيد وأم لثلاثة أطفال، لم تستطع إخفاء دموع الفرح عندما وصلتها رسالة من بنك البسيري تؤكد وصول مرتب زوجها الشهيد. "كنت أنتظر هذا اليوم منذ أشهر، أطفالي يسألونني متى سنشتري الطعام، والآن أستطيع أن أجيبهم بابتسامة"، تقول بصوت متأثر. العقيد محمد العولقي، الجريح المعاق من الدفعة الثانية، يؤكد أن "هذا القرار يعيد الكرامة للعسكريين ويقدر تضحياتهم العظيمة." الأرقام تتحدث بوضوح: أربع دفعات عسكرية تستفيد من القرار، وثلاثة أشهر متراكمة أخيراً ستصل لأصحابها.
خلف هذا الإعلان المفرح، قصة معاناة طويلة عاشتها العائلات العسكرية في المحافظات الجنوبية. التحديات المالية المستمرة بسبب الصراع جعلت انتظام صرف المرتبات كالحلم البعيد. د. عبدالله الحضرمي، خبير الشؤون المالية العسكرية، يشير إلى أن "انتظام صرف المرتبات ليس مجرد التزام مالي، بل ركيزة أساسية لاستقرار الجبهة الداخلية والخارجية معاً." المقارنة مع الأشهر الماضية تُظهر تحسناً واضحاً في الأوضاع المالية، مما يبشر بإمكانية استمرار هذا الانتظام.
وصل الخبر إلى البيوت كالمطر في الصحراء، فأحيا الأمل بعد يأس طويل. سالم البيضاني من الدفعة الثانية يصف اللحظة قائلاً: "رنين الهاتف بإشعار البنك كان أجمل صوت سمعته منذ شهور." العائلات ستتمكن أخيراً من دفع الإيجارات المتراكمة، شراء الاحتياجات الأساسية، وإعادة الحياة الطبيعية لبيوتها. انتشر الخبر بسرعة النار في الهشيم، وبدأت طوابير تتشكل أمام فروع بنك البسيري ووكلائه في جميع أنحاء المحافظات الجنوبية. التأثير الفوري واضح: تحسن المعنويات، عودة النشاط للأسواق المحلية، وبناء ثقة جديدة في مؤسسات الدولة.
هذا القرار التاريخي يضع الأسس لمرحلة جديدة من الاستقرار المالي والاجتماعي. الدائرة المالية تهيب بجميع المستفيدين التوجه لاستلام مستحقاتهم عبر أرقام حساباتهم البنكية، مع ضرورة الاحتفاظ بوثائق الهوية محدثة. الشهداء والجرحى أولاً - شعار يحمل معنى عميقاً في قلوب كل من ضحى من أجل الوطن. هل سيستمر هذا الانتظام في صرف المرتبات؟ العائلات العسكرية تترقب بأمل، والتاريخ سيحكم على قدرة المؤسسات على الوفاء بوعودها.