في معركة يومية يخوضها 20 مليون شخص ضد الوقت في شوارع القاهرة الكبرى، شهد صباح الثلاثاء مفاجأة سارة تمثلت في سيولة مرورية نادرة على معظم الطرق الرئيسية، بينما سجل شارع الهرم والطالبية زحاماً خانقاً حوّل رحلة دقائق إلى ساعات من العذاب. الحقيقة المذهلة: 3 ساعات من عمر المصري تضيع يومياً في المرور، وكل دقيقة تأخير تكلف الاقتصاد المصري مليون جنيه.

وسط انتشار أمني مكثف لرجال المرور، شهدت شوارع القاهرة والجيزة حالة من السيولة المنعشة على الطريق الدائري ومحور 26 يوليو وكوبري أكتوبر. النقيب محمود، الذي يقف 12 ساعة يومياً لتنظيم المرور في ميدان رمسيس، يؤكد: "الوضع تحت السيطرة والسيولة جيدة على معظم المحاور الحيوية". لكن أحمد العامل الحكومي، الذي يستيقظ الساعة 5 فجراً يومياً ليصل لعمله في موعده، واجه مأزقاً حقيقياً في شارع الهرم حيث تحولت رحلة 15 دقيقة إلى ساعة كاملة من الانتظار وسط أصوات أبواق السيارات المتتالية.

الأزمة المرورية في القاهرة ليست وليدة اليوم، بل تراكم عقود من سوء التخطيط والكثافة السكانية المتفجرة. أعمال إنشاء محطات مترو الأنفاق عند تقاطع المريوطية تشبه "عملية جراحية معقدة في قلب نابض"، حسب تعبير د. سامي المهندس المروري المتخصص في تخطيط النقل الحضري. المقارنة التاريخية صادمة: الوضع الحالي أسوأ بثلاث مرات من أزمة التسعينيات، والسيارات تتحرك بسرعة السلحفاة في سباق مع الوقت.

فاطمة ربة البيت التي تقطع يومياً من المعادي لمصر الجديدة لتوصيل أطفالها، تصف معاناتها: "أصبحت أخرج من البيت قبل الفجر خوفاً من الزحام". التأثير على الحياة اليومية كارثي - ضياع الإنتاجية، زيادة التوتر، ارتفاع تكلفة الوقود، وتدهور جودة الهواء وسط رائحة عوادم السيارات الخانقة. الخبراء يحذرون: بدون حلول جذرية، ستتحول شوارع القاهرة إلى "شرايين مريض بالسكري - مسدودة ومؤلمة". الفرصة الذهبية تكمن في استخدام تطبيقات المرور الذكية والتخطيط المسبق للرحلات.

رغم السيولة النسبية اليوم، يبقى السؤال المصيري معلقاً: متى ستشهد شوارع القاهرة سيولة دائمة بدلاً من هدنة مؤقتة؟ مع استمرار مشاريع المترو والتطوير، يتطلع المواطنون لتحسن جذري خلال العامين القادمين. النصيحة العملية: استخدموا الطرق البديلة، تجنبوا ساعات الذروة، وتابعوا تطبيقات المرور للبقاء خطوة واحدة أمام الزحام الذي لا يرحم.