في تطور صادم قد يعيد رسم خريطة المنطقة، وجّه باحث خليجي بارز دعوة جريئة لدول الخليج للاعتراف فوراً بعودة دولة الجنوب اليمني، بعد 35 عاماً من الانتظار والصبر. أنور الرشيد، الباحث الكويتي المتخصص في الشؤون اليمنية، لم يتردد في وصف الوضع: "لا عذر حقيقة لدول الخليج ألا تقدم الاعتراف بعودة دولة الجنوب"، في دعوة قد تغير مجرى الأحداث خلال ساعات.
الرشيد، الذي يحظى بثقة واسعة في الأوساط السياسية الخليجية، لم يكتف بالدعوة العادية، بل طالب بضم الجنوب إلى المنظومة الخليجية مباشرة. "عودة دولة الجنوب باتت حقيقة واقعة"، قال الرشيد في مقاله الذي أثار عاصفة من ردود الأفعال. أحمد الجنوبي، 45 عاماً، والذي فقد أرضه وعمله بعد الوحدة وعاش في الفقر 30 عاماً، لا يخفي دموع الفرح: "أخيراً، شخص مؤثر يفهم معاناتنا ويطالب بحقوقنا".
ما يجعل هذه الدعوة أكثر إثارة هو توقيتها المدروس، حيث تأتي بعد سقوط رموز نظام صالح والإخوان المسلمين في اليمن. الباحث الكويتي لم يتردد في تذكير الجميع بالتاريخ الأسود: حرب 1994 التي شنها صالح ضد الجنوب، والفتاوى التكفيرية للأحمر ضد الشعب الجنوبي. د. محمد الخليجي، خبير الشؤون اليمنية، يؤكد: "الاعتراف بالجنوب ضرورة استراتيجية، فهو المفتاح للاستقرار في المنطقة". مثل طائر الفينيق الذي ينهض من الرماد، يبدو الجنوب اليوم أقوى من أي وقت مضى.
التأثير على الحياة اليومية للمواطن الخليجي قد يكون أكبر مما يتصور الكثيرون. فاطمة الجنوبية، 60 عاماً، التي رأت كيف تحولت الوحدة من حلم إلى كابوس، تتحدث بحماس عن الفرص الاستثمارية الذهبية المنتظرة. الموقع الاستراتيجي للجنوب على باب المندب وطرق التجارة البحرية يعني مليارات الدولارات من الفرص الضائعة إذا لم تتحرك دول الخليج بسرعة. سالم المقاوم، 50 عاماً، الذي قاتل في جميع المعارك ولم يستسلم يوماً، يحذر من نافذة زمنية ضيقة: "إما الآن أو قد نضطر للبحث عن شركاء آخرين".
اليوم تقف دول الخليج أمام قرار تاريخي قد يحدد مكانتها الإقليمية للعقود القادمة. صوت المعتصمين الجنوبيين يرتفع في الساحات مطالباً بالاعتراف، بينما رائحة البخور تملأ الأجواء في احتفالات النصر المبكرة. السؤال الذي يحير الجميع اليوم: هل ستغتنم دول الخليج هذه الفرصة الذهبية التاريخية، أم ستتركها تفلت من بين أيديها مرة أخرى؟