في تطور مناخي مفاجئ هز الشارع المصري، كشفت الهيئة العامة للأرصاد الجوية عن انخفاض حاد في درجات الحرارة بمعدل 15 درجة خلال أسبوع واحد، مما يضع مصر أمام موجة برد قارس تجتاح 95% من أراضي الجمهورية. للمرة الأولى منذ شتاء 2013 الشهير، تشهد البلاد منخفضاً جوياً استثنائياً مصحوباً بشبورة كثيفة تحجب الرؤية وأمطار غزيرة قد تغير وجه الحياة اليومية خلال الـ24 ساعة القادمة.
الشوارع المصرية اختفت خلف ستائر بيضاء من الشبورة الكثيفة، حيث انخفضت الرؤية إلى أقل من 100 متر في العديد من المناطق. أحمد محمد، سائق تاكسي من الجيزة، يروي معاناته: "الشبورة تجعل القيادة مستحيلة، لا أرى السيارة التي أمامي إلا في آخر لحظة". وفي المقابل، تستقبل فاطمة علي، مزارعة من الفيوم، الأمطار بفرح عارم: "هذه نعمة من السماء ستوفر علينا مليارات الجنيهات في تكلفة الري". الأرقام تؤكد أن كمية الأمطار المتوقعة تكفي لملء 50 مليون خزان منزلي، بينما تشهد شوارع القاهرة مشهداً نادراً لمواطنين يرتدون معاطف الشتاء في بداية ديسمبر.
هذا المنخفض الجوي العنيف ليس مجرد تقلب طقس عادي، بل نتيجة تيارات هوائية قطبية تندفع جنوباً مصطدمة بكتل هوائية دافئة فوق مصر. د. محمود الشافي، خبير الأرصاد الجوية، يؤكد: "هذا أقوى منخفض جوي نشهده هذا العام، يذكرنا بشتاء 2013 الذي شهد تساقط الثلوج في القاهرة". موسم الانتقال من الخريف للشتاء يشهد عادة تقلبات حادة في منطقة شرق المتوسط، لكن هذا العام يحمل طابعاً استثنائياً. التوقعات تشير إلى استمرار هذا الطقس لمدة أسبوع كامل مع احتمال تحسن تدريجي، بينما تحذر الأقمار الصناعية من موجات أخرى قادمة.
تأثيرات هذا الطقس الاستثنائي تمتد لكل جوانب الحياة المصرية، حيث تشهد فواتير الكهرباء زيادة متوقعة بنسبة 30% خلال الشهر القادم بسبب استخدام أجهزة التدفئة. مريم حسن، ربة منزل من القاهرة، تستعد لفصل الشتاء: "اشتريت للأطفال ملابس ثقيلة ومشروبات ساخنة، الأجواء جميلة لكن باردة جداً". المزارعون يحتفلون بالأمطار التي ستوفر عليهم استهلاك المياه، بينما يواجه السائقون تحديات حقيقية مع زيادة متوقعة في حوادث المرور بنسبة 15% بسبب ضعف الرؤية. الفرص متاحة للاستفادة من هذا الطقس في توفير المياه وزراعة المحاصيل الشتوية، لكن التحديات تتطلب حذراً شديداً في القيادة وحماية كبار السن من البرد القارس.
منخفض جوي قوي وانخفاض حاد في الحرارة وأمطار غزيرة مع شبورة كثيفة - هذا هو المشهد الذي يرسم معالم طقس استثنائي قد يستمر حتى نهاية ديسمبر. الخبراء ينصحون بضرورة الاستعداد بالملابس الشتوية وتوخي الحذر الشديد أثناء القيادة، مع الاستفادة من الأمطار لتوفير المياه. السؤال الذي يشغل الجميع الآن: هل ستكون هذه بداية شتاء استثنائي يحمل مفاجآت أخرى.. أم مجرد موجة عابرة؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة، لكن الواضح أن مصر دخلت فعلياً نفق الشتاء.
