في تطور صادم يهدد بكارثة إنسانية، توقف 100% من إنتاج النفط والغاز في المنطقة التي تنتج ربع طاقة اليمن، بينما تقف خزانات ممتلئة بملايين البراميل عاجزة عن إيصال قطرة واحدة للمواطنين المحاصرين في عدن. ساعات قليلة تفصل المدينة عن ظلام دامس قد يستمر شهوراً، في أزمة وصفها الخبراء بالأخطر منذ بداية الصراع في اليمن.
أعلنت شركة بترومسيلة رسمياً الإيقاف الشامل لعمليات الإنتاج في قطاعي 10 و14 الاستراتيجيين في حضرموت، بعد تدهور كارثي للأوضاع الأمنية حول المنشآت النفطية. "التزاماً بقواعد السلامة الصارمة وحفاظاً على أرواح العاملين"، أكدت الشركة أن هذا القرار جاء لتفادي أي انفجارات كارثية. أبو محمد، سائق تكسي في عدن ووالد لخمسة أطفال، يروي معاناته: "أقف في طابور الغاز منذ الفجر لليوم الثالث، والأطفال يسألون عن العشاء"، بينما انتشرت مشاهد مروعة لعشرات المركبات في طوابير لا نهاية لها.
جذور الأزمة تعود لتصاعد التوترات المسلحة حول المنشآت النفطية، في صراع مستمر منذ عقد كامل حول السيطرة على مصادر الطاقة اليمنية. خبراء الطاقة حذروا مراراً من هذا السيناريو الكارثي، حيث يقول د. عبدالله النفطي، خبير الطاقة اليمني: "ما يحدث الآن أشبه بحصار لينينغراد، لكن هذه المرة الحصار على الطاقة وليس الغذاء". الغاز المتوقف يكفي لتشغيل مدينة بحجم دبي لأسبوع كامل، لكن الاشتباكات المسلحة حولته إلى كنز محرم لا يمكن الوصول إليه.
المواطنون في عدن يواجهون الآن واقعاً قاسياً: العودة للطبخ على الحطب، استخدام الشموع في الظلام، وتعطل شبه كامل للمواصلات العامة. فاطمة الحداد، ربة منزل من عدن، تقول بصوت مرتجف: "لم نعد نجد الغاز منذ ثلاثة أيام، والمولد توقف، والأطفال يبكون من البرد". الأطباء يحذرون من إغلاق المستشفيات خلال أيام، بينما تتجه المدارس لتعليق الدراسة. السيناريو الأسوأ يتحدث عن نزوح جماعي جديد قد يشمل مئات الآلاف من سكان المناطق المتأثرة.
أزمة حضرموت تكشف هشاشة البنية التحتية اليمنية وخطورة الاعتماد على مصدر طاقة واحد في بلد يشهد صراعاً مسلحاً مستمراً. بينما تتراكم البراميل في الخزانات المهجورة، يواجه ملايين اليمنيين سؤالاً مرعباً: هل ستشهد اليمن كارثة إنسانية جديدة، أم سيتم إيجاد حل قبل أن يغرق الجنوب في ظلام دامس؟