في صدمة تهز القلوب، تعيش مدينة عدن اليمنية 87% من وقتها في ظلام دامس - أطول من فترة الليل الطبيعية بثلاث مرات! مع انقطاع الكهرباء لـ 13 ساعة متواصلة يومياً مقابل ساعتين نور فقط، يواجه 950 ألف شخص - أكثر من سكان قطر بأكملها - كابوساً يومياً لا يُحتمل. التحذير الرسمي صادم: "إذا لم يتم توفير الوقود بشكل عاجل، فإن المدينة ستدخل في ظلام دامس كامل" - حسب فرع مؤسسة الكهرباء.
في مشاهد تحبس الأنفاس، تحولت شوارع عدن إلى مدينة أشباح غارقة في الظلام، حيث تنام العائلات في الشوارع هرباً من حر البيوت الخانق. خالد باسلامة، صاحب صيدلية، يروي مأساته بصوت مرتجف: "أضطر لرمي الأدوية التي تحتاج تبريد يومياً، الخسائر تتجاوز قدرتي". الأرقام مفزعة: محافظة أبين المجاورة تعيش بدون كهرباء لأكثر من 30 يوماً متواصلاً - أطول من رحلة إلى المريخ! بينما يعمل المهندس أحمد سالم، فني الكهرباء المحلي، 16 ساعة يومياً لإصلاح الأعطال رغم نقص المعدات، كالطبيب الذي يحارب وباءً بيديه العاريتين.
الأزمة الحالية نتيجة مفجعة لعقد من الحرب المدمرة، حيث دمرت محطات التوليد وشبكات النقل، تاركة اليمن في دائرة مفرغة من أزمات الطاقة. النقص الحاد في الوقود وعدم توفير الكميات الكافية من النفط الخام لمحطات التوليد، حول المدينة التجارية النابضة إلى كهف مظلم. الوضع يذكرنا بأزمة الكهرباء في لبنان 2021، لكن بمضاعفات أكثر خطورة - كحصار لينينغراد، لكن هذه المرة الحصار على الطاقة وليس الطعام. د. محمد الصلاحي، خبير الطاقة، يحذر بقلق: "الوضع الحالي كارثي وقد يؤدي إلى انهيار كامل للخدمات الحيوية خلال أسابيع".
الحياة اليومية تحولت إلى كابوس حقيقي، حيث فاطمة علي، الأم لثلاثة أطفال، فقدت عملها في الخياطة بسبب انقطاع الكهرباء المستمر، بينما يبكي أطفالها من الحر والظلام. المواطنون اضطروا لتغيير نمط حياتهم كاملاً - النوم نهاراً والاستيقاظ ليلاً، البحث عن أماكن مكيفة، شحن الهواتف في السيارات. أسعار المولدات ارتفعت 300% وآلاف المحلات والورش أُجبرت على الإغلاق. الأدوية تفسد في المستشفيات، والطوابير الطويلة تتشكل أمام محطات شحن الهواتف، في مشهد يشبه أفلام نهاية العالم. رغم ذلك، تبرز فرصة ذهبية للاستثمار في الطاقة الشمسية، بينما يرسل المغتربون مولدات كخط دفاع أخير.
عدن تقف على حافة هاوية سحيقة - أسوأ أزمة كهرباء في تاريخها قد تحولها إلى أول مدينة في التاريخ الحديث تعيش بدون كهرباء في القرن الواحد والعشرين. المدينة على بُعد ساعات من الظلام الدامس الكامل إذا لم تصل حلول عاجلة خلال الأيام المقبلة. الوقت ينفد والمطلوب تحرك دولي عاجل قبل أن تغرق مدينة بأكملها في كارثة إنسانية لا يمكن إصلاحها. السؤال المصيري: هل ستنجح عدن في الخروج من هذا النفق المظلم، أم ستصبح مدينة أشباح تعيش على ذكريات النور؟